بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ السَّجْدَةِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ فِي سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ»، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [١٧ ١٥].
قَوْلُهُ تَعَالَى: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥).
ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَأَنَّهُ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ.
وَأَشَارَ تَعَالَى إِلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ [٦٥ ١٢]، وَقَدْ بَيَّنَ فِي سُورَةِ «الْحَجِّ»، أَنَّ الْيَوْمَ عِنْدَهُ تَعَالَى كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا يَعُدُّهُ النَّاسُ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [٢٢ ٤٧]، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ «سَأَلَ سَائِلٌ» : تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [٧٠ ٤].
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا «دَفَعُ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ» الْجَمْعَ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: هُوَ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّ يَوْمَ الْأَلْفِ فِي سُورَةِ «الْحَجِّ»، هُوَ أَحَدُ الْأَيَّامِ السِّتَّةِ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَيَوْمَ الْأَلْفِ فِي سُورَةِ «السَّجْدَةِ»، هُوَ مِقْدَارُ سَيْرِ الْأَمْرِ وَعُرُوجِهِ إِلَيْهِ تَعَالَى، وَيَوْمَ الْخَمْسِينَ أَلْفًا هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ.


الصفحة التالية
Icon