بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ.
بَيَّنَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - مَعْنَى الْأُمِّيِّينَ فِي مُذَكِّرَةِ الدِّرَاسَةِ بِقَوْلِهِ: الْأُمِّيِّينَ أَيْ: الْعَرَبِ، وَالْأُمِّيُّ: هُوَ الَّذِي لَا يَقْرَأُ وَلَا يَكْتُبُ، وَكَذَلِكَ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ. اهـ.
وَسُمِّي أُمِّيًّا نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ لَمْ يَعْرِفِ الْقِرَاءَةَ، وَلَا الْكِتَابَةَ وَبَقِيَ عَلَى ذَلِكَ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُمِّيِّينَ هُمُ الْعَرَبُ بَعْثَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: رَسُولًا مِنْهُمْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ [١٤ ٣٧]، وقَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [٢ ١٢٩].
قَالَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ -: وَهَذِهِ الْآيَةُ نَصٌّ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَجَابَ دَعْوَةَ نَبِيِّهِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيهِمُ اهـ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَقْرَأُ وَلَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ»، وَهَذَا حُكْمٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ لَا عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ فِي الْعَرَبِ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ مِثْلَ كَتَبَةِ الْوَحْيِ، عُمَرَ وَعَلِيًّا وَغَيْرِهِمْ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رَسُولًا مِنْهُمْ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ [٧ ١٥٧].
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ الْمَكْتُوبَ عِنْدَهُمْ هُوَ مَا بَشَّرَ بِهِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [٦١ ٦].
وَكَوْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمِّيًّا بِمَعْنَى لَا يَكْتُبُ، بَيَّنَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ


الصفحة التالية
Icon