بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
سُورَةُ النَّبَأِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ
عَمَّ أَصْلُهُ عَنْ مَا أُدْغِمَتِ النُّونَ فِي الْمِيمِ، ثُمَّ حُذِفَ أَلِفُ الْمِيمِ، لِدُخُولِ حَرْفِ الْجَرِّ عَلَيْهِ ; لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةِ وَمَا الْمَوْصُولَةِ.
وَالْمَعْنَى: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَسَاءَلُونَ، وَقَدْ يُفْصَلُ حَرْفُ الْجَرِّ عَنْ مَا، فَلَا يُحْذَفُ الْأَلِفُ.
وَأَنْشَدَ الزَّمَخْشَرِيُّ قَوْلَ حَسَّانٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:

عَلَى مَا قَامَ يَشْتُمُنِي لَئِيمٌ كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي رَمَادِ
وَقَالَ فِي الْكَشَّافِ: وَعَنِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَرَأَ «عَمَّهْ» بِهَاءِ السَّكْتِ، ثُمَّ وَجَّهَهَا بِقَوْلِهِ: إِمَّا أَنْ يُجْرَى الْوَصْلُ مُجْرَى الْوَقْفِ، وَإِمَّا أَنْ يَقِفَ وَيَبْتَدِئَ: يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ، عَلَى أَنْ يُضْمَرَ يَتَسَاءَلُونَ ; لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ يُفَسِّرُهُ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَوْلُهُ: عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ: لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِـ: يَتَسَاءَلُونَ الْمَذْكُورِ فِي التِّلَاوَةِ، وَلَكِنْ يُقَدَّرُ فِعْلٌ آخَرُ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ، وَإِلَّا لَأُعِيدَ الِاسْتِفْهَامُ: أَعَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ؟
وَعَلَى كُلٍّ، فَإِنَّ مَا تَسَاءَلُوا عَنْهُ أُبْهِمَ أَوَّلًا، ثُمَّ بُيِّنَ بَعْدَهُ بِأَنَّهُمْ: يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ، وَلَكِنْ بَقِيَ بَيَانُ هَذَا النَّبَإِ الْعَظِيمِ مَا هُوَ؟. فَقِيلَ: هُوَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْثَتِهِ لَهُمْ. وَقِيلَ: فِي الْقُرْآنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ يَدْعُوهُمْ بِهِ. وَقِيلَ فِي الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ.


الصفحة التالية
Icon