بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

سُورَةُ الْقَارِعَة
قَوْلُهُ تَعَالَى: الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ.
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ، وَقَالَ: كَالطَّامَّةِ وَالصَّاخَّةِ، وَالْآزِفَةِ، وَالْقَارِعَةِ. اهـ. أَيْ وَكَذَلِكَ الصَّاخَّةُ وَالسَّاعَةُ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا عَظُمَ خَطَرُهُ كَثُرَتْ أَسْمَاؤُهُ.
أَوْ كَمَا رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ: كَثْرَةُ الْأَسْمَاءِ تَدُلُّ عَلَى عِظَمِ الْمُسَمَّى.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الْمُتَرَادِفَاتِ، فَإِنَّ لِكُلِّ اسْمٍ دَلَالَةً عَلَى مَعْنًى خَاصٍّ بِهِ.
فَالْوَاقِعَةُ لِصِدْقِ وُقُوعِهَا، وَالْحَاقَّةُ لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهَا، وَالطَّامَّةُ لِأَنَّهَا تَطِمُ وَتَعُمُّ بِأَحْوَالِهَا، وَالْآزِفَةُ مِنْ قُرْبِ وُقُوعِهَا «أَزِفَتِ الْآزِفَةُ» مِثْلُ «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ»، وَهَكَذَا هُنَا.
قَالُوا: الْقَارِعَةُ: مِنْ قَرْعِ الصَّوْتِ الشَّدِيدِ لِشِدَّةِ أَهْوَالِهَا.
وَقِيلَ: الْقَارِعَةُ اسْمٌ لِلشِّدَّةِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: تَقُولُ الْعَرَبُ: قَرَّعَتْهُمُ الْقَارِعَةُ وَفَقَّرَتْهُمُ الْفَاقِرَةُ، إِذَا وَقَعَ بِهِمْ أَمْرٌ فَظِيعٌ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ:
وَقَارِعَةٌ مِنَ الْأَيَّامِ لَوْلَا سَبِيلُهُمْ لَزَاحَتْ عَنْكَ حِينًا
وَقَالَ تَعَالَى: وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ [١٣ ٣١]، وَهِيَ الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ. ُُ


الصفحة التالية
Icon