سُورَةُ الْإِسْرَاءِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَالَ تَعَالَى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١)).
قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى (سُبْحَانَ) فِي قِصَّةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبَقَرَةِ.
وَ (لَيْلًا) : ظَرْفٌ لِأَسْرَى، وَتَنْكِيرُهُ يَدُلُّ عَلَى قِصَرِ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ الْإِسْرَاءُ وَالرُّجُوعُ فِيهِ. (حَوْلَهُ) : ظَرْفٌ لَبَارَكْنَا. وَقِيلَ: مَفْعُولٌ بِهِ ; أَيْ طَيَّبْنَا، أَوْ نَمَّيْنَا. (لِنُرِيَهُ) : بِالنُّونِ ; لِأَنَّ قَبْلَهُ إِخْبَارًا عَنِ الْمُتَكَلِّمِ ; وَبِالْيَاءِ، لِأَنَّ أَوَّلَ السُّورَةِ عَلَى الْغَيْبَةِ، وَكَذَلِكَ خَاتِمَةُ الْآيَةِ بِالْغَيْبَةِ، وَخَتَمَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ فِي وَسَطِهَا إِلَى الْإِخْبَارِ عَنِ النَّفْسِ ; فَقَالَ: بَارَكْنَا، وَمِنْ آيَاتِنَا. وَالْهَاءُ فِي (إِنَّهُ) لِلَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ: لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; أَيْ إِنَّهُ السَّمِيعُ لِكَلَامِنَا الْبَصِيرُ لِذَاتِنَا.
قَالَ تَعَالَى: (وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَّا تَتَّخِذُوا) : يُقْرَأُ بِالْيَاءِ عَلَى الْغَيْبَةِ، وَالتَّقْدِيرُ: جَعَلْنَاهُ هُدًى لِئَلَّا يَتَّخِذُوا أَوْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لِئَلَّا يَتَّخِذُوا. وَيُقْرَأُ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ; أَحَدُهَا: أَنَّ «أَنْ» بِمَعْنَى أَيْ، وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ «أَنْ» زَائِدَةٌ ; أَيْ قُلْنَا: لَا تَتَّخِذُوا.


الصفحة التالية
Icon