سُورَةُ الدَّهْرِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (١)).
فِي «هَلْ» وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ بِمَعْنَى «قَدْ» وَالثَّانِي: هِيَ اسْتِفْهَامٌ عَلَى بَابِهَا، وَالِاسْتِفْهَامُ هُنَا لِلتَّقْرِيرِ، أَوِ التَّوْبِيخِ.
وَ (لَمْ يَكُنْ شَيْئًا) : حَالٌ مِنَ الْإِنْسَانِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (٢)).
وَ (أَمْشَاجٍ) : بَدَلٌ، أَوْ صِفَةٌ، وَهُوَ جَمْعُ مَشِيجٍ. وَجَازَ وَصْفُ الْوَاحِدِ بِالْجَمْعِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْأَصْلِ مُتَفَرِّقًا ثُمَّ جُمِعَ؛ أَيْ نُطْفَةٌ أَخْلَاطٌ.
وَ (نَبْتَلِيهِ) : حَالٌ مِنَ الْإِنْسَانِ؛ أَوْ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِمَّا شَاكِرًا) :«إِمَّا» هَاهُنَا لِتَفْصِيلِ الْأَحْوَالِ، وَشَاكِرًا، وَكَفُورًا: حَالَانِ؛ أَيْ يَنَالُهُ فِي كِلْتَا حَالَتَيْهِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (سَلَاسِلَ) : الْقِرَاءَةُ بِتَرْكِ التَّنْوِينِ، وَنَوَّنَهُ قَوْمٌ أَخْرَجُوهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَقَرَّبَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِتْبَاعُهُ مَا بَعْدَهُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي الشِّعْرِ مِثْلَ ذَلِكَ مُنَوَّنًا فِي الْفَوَاصِلِ، وَإِنَّ هَذَا الْجَمْعَ قَدْ جُمِعَ،


الصفحة التالية
Icon