سُورَةُ الْبَلَدِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (٢) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ) : مِثْلُ: (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) [الْقِيَامَةِ: ١]. وَقِيلَ: لَا أُقْسِمُ بِهِ وَأَنْتَ حِلُّ فِيهِ، بَلْ أُقْسِمُ بِكَ. (وَوَالِدٍ) : مَعْطُوفٌ عَلَى الْبَلَدِ، وَ «مَا» : بِمَعْنَى مَنْ؛ وَجَوَابُ الْقَسَمِ: «لَقَدْ خَلَقْنَا».
وَ (فِي كَبَدٍ) : حَالٌ؛ أَيْ مُكَابِدًا.
قَالَ تَعَالَى: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَا اقْتَحَمَ) :«لَا» بِمَعْنَى «مَا» وَأَكْثَرُ مَا يَجِيءُ مِثْلُ هَذَا مُكَرَّرًا، مِثْلُ: (فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى) [الْقِيَامَةِ: ٣١].
قَالَ تَعَالَى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا الْعَقَبَةُ) أَيْ مَا اقْتِحَامُ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: «فَكُّ رَقَبَةٍ» وَهُوَ فِعْلٌ، سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْفِعْلِ، أَوْ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ. وَالْعَقَبَةُ عَيْنٌ، فَلَا تُفَسَّرُ بِالْفِعْلِ، فَمَنْ قَرَأَ: فَكَّ أَوْ أَطْعَمَ، فَسَّرَ الْمَصْدَرَ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ لِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ.
وَمَنْ قَرَأَ: فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ - كَانَ التَّقْدِيرُ: هُوَ فَكُّ رَقَبَةٍ، وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ، وَإِطْعَامٌ غَيْرُ مُضَافٍ، وَلَا ضَمِيرَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يَتَحَمَّلُ الضَّمِيرَ.