الباب الرابع
هذا باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه حرف الجر فمن ذلك قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) «١». التقدير: اهدنا إلى الصراط، فحذف «إلى»، دليله قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) «٢»، وقوله تعالى: (وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً) «٣» لأن العرب تقول:
هديته إلى الطريق فإذا قال: هديته الطريق، فقد حذف «إلى».
ومن ذلك قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ) «٤» أي:
بأن لهم، فحذف الباء وانتصب «أن» على مذهب سيبويه، وبقي الجر عند الخليل والكسائي. وحجاجهم مذكور في الخلاف.
وعلى هذا جميع ما جاء فى التنزيل من قوله: (يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً) «٥» في/ بني إسرائيل والكهف، دليله ظهوره في قوله تعالى: (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ) «٦». وقوله: (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ) «٧»، وقوله: (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) «٨»، وقوله: (بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ) «٩»، وقوله: (يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى) «١٠»، وقوله: (لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ) «١١».
ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) «١٢» أي: لا يستحيى من ضرب المثل، فحذف «من». ويكثر

(١) الفاتحة: ٥.
(٢) الشورى: ٥٢.
(٣) النساء: ١٧٥.
(٤) البقرة: ٢٥.
(٥) الإسراء- بني إسرائيل: ٩، الكهف: ٢.
(٦) النساء: ١٣٨.
(٧) التوبة: ٢١.
(٨) هود: ٧١.
(٩) الحجر: ٥٥.
(١٠) آل عمران: ٣٩.
(١١) مريم: ٩٧. [.....]
(١٢) البقرة: ٢٦.


الصفحة التالية
Icon