الباب الثالث والعشرون
هذا باب ما جاء في التنزيل من المضمرين إلى أي شيء يعود مما قبلهم وهو كثير في التنزيل، لكنا نذكر نبذاً منها:
فمن ذلك قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) «١» قيل: من مثل محمد- عليه السلام- فالهاء تعود إلى «عبدنا».
وقيل: تعود الهاء إلى قوله «ما»، أي: فأتوا بسورة من مثله/ ما نزلناه على عبدنا- فيكون «من» زيادة- على قول أبي الحسن- دليله قوله:
(فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ).
وقيل: الهاء تعود إلى الأنداد، كما قال سيبويه في قوله: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) «٢» وفي الأخرى: (مِمَّا فِي بُطُونِها) «٣» لأن «أفعالا» و «أفعلا» و «أفعلة» و «فعلة» جرت عندهم مجرى الآحاد لأنهم جمعوها في قولهم: أناعيم، وأكالب، وأساق، وغير ذلك، وصغروها تصغير الآحاد في: أنيعام، وأكيلب. فجاز عودها إلى الأنداد في قوله:
(فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) «٤»، والمعنى يقتضي الأوجه الثلاثة، وقرب اللفظ يقتضى عوده إلى «عبدنا».

(١) البقرة: ٢٣.
(٢) النحل: ٦٦.
(٣) المؤمنون: ٢١.
(٤) البقرة: ٢٢.


الصفحة التالية
Icon