الباب الثامن والأربعون
هذا باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية فمن ذلك قوله تعالى: (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) «١». وأجمعوا، غير ابن عباس، أن الأخوين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس، خلافا له، فإنه لا يحجب إلا بوجود ثلاثة إخوة.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) «٢»، أي: يديهما.
ومن ذلك قوله: (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) «٣»، أي: قلباكما.
مثل هذا لا يجوز فيه الإفراد استغناء بالمضاف إليه، وتجوز فيه التثنية اعتبارا بالحقيقة، ويجوز فيه الجمع اعتبارا بالمعنى، لأن الجمع ضم نظير إلى نظير كالتثنية.
وقالوا: كل شيء من شيئين فتثنيتهما جمع، كقولك: ضربت رءوس الزيدين، وقطعت أيديهما وأرجلهما وهذا أفصح عندهم من «رأسيهما»، كرهوا أن يجمعوا بين تثنيتين في كلمة واحدةٍ، فصرفوا الأول إلى لفظ الجمع، / لأن التثنية جمع في المعنى، لأن معنى الجمع ضم شيءٍ إلى شيءٍ، فهو يقع على القليل والكثير، وأنشدوا:

ومهمهين قذفين مرتين ظهراهما مثل ظهور التّرسين «٤»
(١) النساء: ١١.
(٢) المائدة: ٣٨.
(٣) التحريم: ٤.
(٤) الشعر لخطام المجاشعي، وقيل: هميان بن قحافة. والقذف: البعيد. والمرت: الذي لا ينبت.
(الكتاب ١: ٢٤١، ٢: ٢٠٢- اللسان: مرت).


الصفحة التالية
Icon