الباب الثالث والخمسون
هذا باب ما جاء في التنزيل من الحروف التي أقيم بعضها مقام بعض وهذا الباب يتلقاه الناس معسولا ساذجا من الصنعة، وما أبعد الصواب عنهم، وأوقفهم دونه، وذلك أنهم يقولون: إن «إلى» يكون بمعنى «مع» ويحتجون لذلك بقول الله تعالى: (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ) «١»، أي: مع الله.
وقال الله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) «٢»، أي: مع امولكم.
ويقولون «في» بمعنى «على»، ويحتجون بقوله تعالى: (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) «٣»، أي: عليها.
وهذا في الحقيقة من باب الحمل على المعنى.
فقوله: (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ) «٤» معناه: من يضيف نصرته إلى نصرة الله، وكذا: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) «٥». أي مضمومة إليها، وكذلك قوله: (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) «٦»، وأنت إنما تقول: هل لك في كذا؟
لكنه لما كان هذا دعاء منه- صلى الله عليه وعلى آله- له صار تقديره: أدعوك وأرشدك إلى أن تزكى.
وأما قوله: (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) «٧»، فليس في بمعنى «على»، وإنما هو على بابه، لأن المصلوب فى الجذع، والجذع وعاء له.
(٥- ٢) النساء: ٢.
(٧- ٣) طه: ٧١.
(٦) النازعات: ١٨.