الباب المتم الستين
هذا باب ما جاء في التنزيل من واو الحال تدخل على الجملة من الفعل والفاعل، والمعروف منها دخولها على المبتدأ والخبر، كقوله:
(وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) «١».
وقد دخل على الفعل والفاعل في مواضع فمن ذلك قوله: (لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) «٢» كان سهل «٣» يقف على «ذلول» ويبتدى بقوله: «تثير الأرض» فيكون «الواو» في «ولا تسقى الحرث» للحال دون العطف، لأن النفي لا يعطف على الإثبات.
ومن ذلك قوله: (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً)، (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) «٤»، أي: غير مسئول، فهو في موضع الحال، وحمله مرةً أخرى على الإثبات.
ومن ذلك قوله تعالى: (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ) «٥»، فيمن خفف النون. قال: وإن شئت كان على لفظ الخبر، والمعنى: معنى الأمر، كقوله: (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) «٦»، (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) «٧»، أي: لا ينبغي ذلك.
وإن شئت جعلته حالا من «استقيما»، وتقديره: استقيما غير متبعين.
وأنشد فيه أبياتاً تركتها مع أبيات أخرى.
(٢) البقرة: ٧١.
(٣) سهل: هو أبو حاتم السجستاني سهل بن محمد بن عثمان. بصري: كان إماما في علوم القرآن واللغة والشعر. وله: إعراب القرآن. وكانت وفاته بين الثامنة والأربعين والخامسة بعد المائتين (البقية:
٢٦٥).
(٤) البقرة: ١١٩.
(٥) يونس: ٨٩.
(٦) البقرة: ٢٢٨.
(٧) البقرة: ٢٣٣.