الباب الثالث والسبعون
هذا باب ما جاء في التنزيل وأنت تظنه فعلت الضرب في معنى ضربته، وذلك لقلة تأملك في هذه الصناعة فمن ذلك قوله تعالى: (ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) «١».
إذا فسرت «ما» ب «ما» النافية توجه عليك أن تقول: لا يعذبكم الله إن شكرتم وآمنتم. وقوله: لا يعذبكم الله أفصح من قوله: ما يفعل الله بعذابكم.
وإذا فسرته بالاستفهام لم يلزمك هذا الطعن.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) «٢» فيقال: لك:
هلا قال: / والذين هم للمال مزكون، لأن زكيت المال أفصح من فعلت زكاة المال، ولا يعلم هذا الطاعن أن معنى قوله: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) «٣».
الذين هم عاملون لأجل الطهارة والإسلام ويطهرون أنفسهم، كما قال:
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها)، «٤» فليس هذا من زكاة المال في شيء، أو يعنى: قد أفلح من زكاها، أي: من المعاصي والفجور.
ومن ذلك قوله: (وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) «٥» قال: معناه: لا تؤذهم، وهو أفصح من: دع أذاهم، إلا أنهم قالوا: معناه: دع الخوف من أذاهم.
(٣- ٢) المؤمنون: ٤.
(٤) الشمس: ٩.
(٥) الأحزاب: ٤٨.