الباب الحادي والثمانون
هذا باب ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه وربما يشكل على البزل «١» الحذاق فيغفلون عنه فمن ذلك قوله تعالى: (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) «٢»، قال سيبويه: ونقول: هؤلاء ثلاثة نفر قرشيون، وثلاثة مسلمون، وثلاثة صالحون، فهذا وجه.. «٣» كراهية أن يجعل الصفة كالاسم، إلا أن يضطر شاعرهم.
وهذا يدلك على أن، «النسابات»، إذا قال: ثلاثة نسابات، تجىء كأنه وصف لمذكر، لأنه ليس موضعا تحسن فيه الصفة كما يحسن الاسم، فلما لم يقع إلا وصفا صار المتكلم كأنه قد لفظ بمذكرين ثم وصفهم بها.
وقال الله تعالى: (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) «٤»، إنما استجاز حذف الموصوف هنا على تقدير: فله عشر حسنات أمثالها، لأنه لما أضيف عشر إلى الأمثال، والأمثال، وإن كان وصفا، فقد جرى مجرى الأسماء حتى يستحسن إقامته مقام الاسم، كقوله تعالى:
(ثُمَّ لا يَكُونُوا/ أَمْثالَكُمْ) «٥»، وقال: (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) «٦»، ويقال:
مررت بمثلك ومثلك لا يفعل كذا. وفي التنزيل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) «٧» لولا ذلك لقبح عنده هذا التقدير.
وقد تقدم نبذ من هذا في هذه الأجزاء.
(٤- ٢) الأنعام: ١٦٠.
(٣) مكان هذه النقط كلمة مطموسة.
(٥) محمد: ٣٨.
(٦) النساء: ١٤٠.
(٧) الشورى: ١١.