الباب الثاني والثمانون
هذا باب ما جاء في التنزيل من اختلافهم في لفظة «ما» من أي قسمة هي؟
فمن ذلك قوله تعالى: (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ) «١».
قيل: هي استفهام. وقيل: هي نفي.
ونظيره في الأخرى: (ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ). «٢»
ومن ذلك قوله: (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) «٣». قيل: «ما» نفي، وكرر «يتبعون». والتقدير: ما يتبعون إلّا الظن. و «شركاء» منتصب. مفعول «يدعون»، أي: ما يتبع داعو شركاء إلا الظن.
وقيل: «ما» استفهام. أي: أي شيء يتبع الكافرون الداعون؟
وقيل: «ما» بمعنى «الذي». أي: لله من في السموات ومن في الأرض ملكا وملكا، والأصنام التي تدعوهم الكفار شركاء. ف «ما» يريد به الأصنام، وحذف العائد إليه من الصلة. و «شركاء» حال.
ومن ذلك قوله: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) «٤».
قيل: «ما» بمعنى، الذي. وقيل: «ما» نافية. فحينئذ يكون الابتداء بهما أولى.
(٢) يوسف: ٢٥.
(٣) يونس: ٦٦.
(٤) القصص: ٦٨. [.....]