الباب الثالث والثمانون
هذا باب ما جاء في التنزيل من تفنن الخطاب والانتقال من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى المتكلم ومن ذلك قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) «١» ثم قال: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) «٢».
وقال: (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ) «٣»، وحق الكلام: وجرين بكم.
وقال: (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى) «٤».
وقال: (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ) «٥».
وهو كثير في التنزيل، والأصل في الكلام البداية بالمتكلم، ثم بالمخاطب، ثم بالغيبة.
قال الله تعالى: (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها) «٦». فقدم المخاطب على الغيبة.
فبنوا على هذا فقالوا: الوجه في الكلام: أعطانيك، وأعطاكني، لا يجوز، وأعطيتكها، وأعطيتكهوك، قبيح، ومع قبحه قول يونس. واحتج في ذلك قارئهم بقول القطامي:

أبلغ ربيعة أعلاها وأسفلها أنا وقيساً تواعدنا لميعاد «٧»
(١) الفاتحة: ١.
(٢) الفاتحة: ٣.
(٣) يونس: ٢٢.
(٤) طه: ٥٣.
(٥) النمل: ٦٠.
(٦) هود: ٢٨.
(٧) الديوان (ص: ١٣) طبعة برلين.


الصفحة التالية
Icon