باب الفاء. وحجة الكسائي: بأن الفعل إذا تطاول صار بمنزلة المستقبل كلا حجّة، لأنه لم يذكر العلّة في النصب ولو كان الأول مستقبلا لكان السؤال بحاله. ومذهب سيبويه «١» في «حتّى» أن النصب فيما بعدها من جهتين، والرفع من جهتين: تقول:
سرت حتّى أدخلها على أن السير والدخول جميعا قد مضيا أي سرت إلى أن أدخلها.
وهذا غاية وعليه قراءة من قرأ بالنصب، والوجه الآخر في النصب في غير الآية سرت حتى أدخلها أي كي أدخلها، والوجهان في الرفع سرت حتّى أدخلهما أي سرت فأدخلها وقد مضيا جميعا أي كنت سرت فدخلت ولا تعمل حتّى ها هنا بإضمار أن لأن بعدها جملة كما قال الفرزدق: [الطويل] ٤٦-
فيا عجبا حتّى كليب تسبّني | كأنّ أباها نهشل أو مجاشع «٢» |
سرت حتّى أدخلها لا أمنع. مَتى نَصْرُ اللَّهِ رفع بالابتداء على قول سيبويه وعلى قول أبي العباس رفع بفعله أي متى يقع نصر الله. أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ اسم إنّ وخبرها ويجوز في غير القرآن إن نصر الله قريبا أي مكانا قريبا والقريب لا تثنّيه العرب ولا تجمعه ولا تؤنّثه في هذا المعنى قال عزّ وجلّ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: ٥٦] وقال الشاعر: [الطويل] ٤٧-
له الويل إن أمسى ولا أمّ هاشم | قريب ولا بسباسة ابنة يشكرا «٣» |
[سورة البقرة (٢) : آية ٢١٥]
يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥)
يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ وإن خفّفت الهمزة ألقيت حركتها على السين ففتحتها وحذفت الهمزة فقلت: يسلونك. ماذا يُنْفِقُونَ «ما» في موضع رفع بالابتداء و «ذا»
(١) انظر الكتاب ٣/ ١٦.
(٢) الشاهد للفرزدق في ديوانه ٤١٩، وخزانة الأدب ٥/ ٤١٤، والدرر ٤/ ١١٢، وشرح شواهد المغني ١/ ١٢، وشرح المفصّل ٨: ١٨ ومغني اللبيب ١/ ١٢٩، وبلا نسبة في رصف المباني ص ١٨١، وشرح المفصل ٨/ ٦٢، والمقتضب ٢/ ٤١، وهمع الهوامع ٢/ ٢٤.
(٣) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ص ٦٨، ولسان العرب (قرب)، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥/ ٢٣٢.
(٢) الشاهد للفرزدق في ديوانه ٤١٩، وخزانة الأدب ٥/ ٤١٤، والدرر ٤/ ١١٢، وشرح شواهد المغني ١/ ١٢، وشرح المفصّل ٨: ١٨ ومغني اللبيب ١/ ١٢٩، وبلا نسبة في رصف المباني ص ١٨١، وشرح المفصل ٨/ ٦٢، والمقتضب ٢/ ٤١، وهمع الهوامع ٢/ ٢٤.
(٣) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ص ٦٨، ولسان العرب (قرب)، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥/ ٢٣٢.