٤٨ شرح إعراب سورة الفتح
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الفتح (٤٨) : آية ١]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١)الأصل إنّنا حذفت النون لاجتماع النونات. والنون والألف في «إنّا» في موضع نصب، وفي «فتحنا» في موضع رفع وعلامات المضمر تتّفق كثيرا إذا كانت متصلة، والفتح هاهنا فتح الحديبيّة. وقد توهّم قوم أنه فتح مكّة ممّن لا علم لهم بالآثار. وقد صحّ عن ابن عباس والبرآء وسهل بن حنيف أنّهم قالوا: هو فتح الحديبيّة وهو صحيح عن أنس بن مالك كما قرئ على أحمد بن شعيب عن عمرو بن علي قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا شعبة قال: حدّثنا قتادة عن أنس بن مالك إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً قال: الحديبية. وصحّ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال عند منصرفه من الحديبيّة «لقد أنزلت عليّ آية هي أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها» ثمّ تلا إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١) «١» الآية فإن قيل:
لم يكن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحب الدنيا، فكيف قال في هذا الفضل العظيم الخطير أحبّ إليّ من الدنيا؟ وإنما تقول العرب: هذا في الشيء الجليل فيقولون: هو أسخى من حاتم طيّئ، والدنيا لا مقدار لها. وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين مرّ بشاة ميّتة «والله للدّنيا أهون على الله جلّ وعزّ من هذه على أهلها» «٢» ففي ذلك غير جواب منها أنّ المعنى لقد أنزلت عليّ آية هي أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها لو كانت لي فأنفقتها في سبيل الله جلّ وعزّ. وقيل: خوطبوا بما يعرفون «فتحا» مصدر «مبينا» من نعته.
[سورة الفتح (٤٨) : آية ٢]
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢)
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ لام كي، والمعنى لأن. قال مجاهد ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ قبل النّبوة. وَما تَأَخَّرَ بعد النبوة، وقال الشعبي مثله إلّا أنه قال: إلى أن مات. وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ
(١) أخرجه مسلم في صحيحه، الجهاد ب ٣٤ رقم ٩٧، والقرطبي في تفسيره ١٦/ ٢٥٩.
(٢) أخرجه الترمذي في سننه- الزهد ٩/ ١٩٨، وابن ماجة في سننه رقم الحديث (٤١١٠).
(٢) أخرجه الترمذي في سننه- الزهد ٩/ ١٩٨، وابن ماجة في سننه رقم الحديث (٤١١٠).