(١٠) سورة يونس
مكية وهي مائة وتسع آيات
[سورة يونس (١٠) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (١) أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢)الر فخمها ابن كثير ونافع برواية قالون وحفص وقرأ ورش بين اللفظين، وأمالها الباقون إجراء لألف الراء مجرى المنقلبة من الياء. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ إشارة إلى ما تضمنته السورة أو القرآن من الآي والمراد من الكتاب أحدهما، ووصفه بالحكيم لاشتماله على الحكم أو لأنه كلام حكيم، أو محكم آياته لم ينسخ شيء منها. أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً استفهام إنكار للتعجب وعَجَباً خبر كان واسمه: أَنْ أَوْحَيْنا وقرئ بالرفع على أن الأمر بالعكس أو على «أن كان» تامة وأَنْ أَوْحَيْنا بدل من عَجَباً، واللام للدلالة على أنهم جعلوه أعجوبة لهم يوجهون نحوه إنكارهم واستهزاءهم. إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ من أفناء رجالهم دون عظيم من عظمائهم. قيل كانوا يقولون العجب أن الله تعالى لم يجد رسولاً يرسله إلى الناس إلا يتيم أبي طالب، وهو من فرط حماقتهم وقصور نظرهم على الأمور العاجلة وجهلهم بحقيقة الوحي والنبوة. هذا وإنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يقصر عن عظمائهم فيما يعتبرونه إلا في المال وخفة الحال أعون شيء في هذا الباب، ولذلك كان أكثر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبله كذلك. وقيل تعجبوا من أنه بعث بشراً رسولاً كما سبق ذكره في سورة «الأنعام». أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ أن هي المفسرة أو المخففة من الثقيلة فتكون في موقع مفعول أوحينا. وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا عمم الإنذار إذ قلما من أحد ليس فيه ما ينبغي أن ينذر منه، وخصص البشارة بالمؤمنين إذ ليس للكفار ما يصح أن يبشروا به حقيقة أَنَّ لَهُمْ بأن لهم قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ سابقة ومنزلة رفيعة سميت قدما لأن السبق بها كما سميت النعمة يداً لأنها تعطى باليد، وإضافتها إلى الصدق لتحققها والتنبيه على أنهم إنما ينالونها بصدق القول والنية. قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا يعنون الكتاب وما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام. لَسِحْرٌ مُبِينٌ وقرأ ابن كثير والكوفيون «لساحر» على أن الإِشارة إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وفيه اعتراف بأنهم صادفوا من الرسول صلّى الله عليه وسلّم أموراً خارقة للعادة معجزة إياهم عن المعارضة. وقرئ «ما هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ».
[سورة يونس (١٠) : آية ٣]
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣)
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ التي هي أصول الممكنات. فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يقدر أمر الكائنات على ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته ويهيئ بتحريكه أسبابها وينزلها منه، والتدبير النظر في أدبار الأمور لتجيء محمودة العاقبة. مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ تقرير لعظمته وعز جلاله، ورد على من زعم أن آلهتهم تشفع لهم عند الله وفيه إثبات الشفاعة لمن أذن له ذلِكُمُ اللَّهُ أي