(٣٤) سورة سبأ
مكية وقيل إلا قوله: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) الآية، وآيها أربع وخمسون آية
[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١) يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (٢)الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ خلقاً ونعمة، فله الحمد في الدنيا لكمال قدرته وعلى تمام نعمته. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ لأن ما في الآخرة أيضاً كذلك، وليس هذا من عطف المقيد على المطلق فإن الوصف بما يدل على أنه المنعم بالنعم الدنيوية قيد الحمد بها، وتقديم الصلة للاختصاص فإن النعم الدنيوية قد تكون بواسطة من يستحق الحمد لأجلها ولا كذلك نعم الآخرة. وَهُوَ الْحَكِيمُ الذي أحكم أمور الدارين. الْخَبِيرُ ببواطن الأشياء.
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ كالغيث ينفذ في موضع وينبع في آخر، وكالكنوز والدفائن والأموات. وَما يَخْرُجُ مِنْها كالحيوان والنبات والفلزات وماء العيون. وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ كالملائكة والكتب والمقادير والأرزاق والأنداء والصواعق. وَما يَعْرُجُ فِيها كالملائكة وأعمال العباد والأبخرة والأدخنة. وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ للمفرطين في شكر نعمته مع كثرتها، أو في الآخرة مع ما له من سوابق هذه النعم الفائتة للحصر.
[سورة سبإ (٣٤) : آية ٣]
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٣)
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ إنكار لمجيئها أو استبطاء استهزاء بالوعد به. قُلْ بَلى رد لكلامهم وإثبات لما نفوه. وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ تكرير لإِيجابه مؤكداً بالقسم مقرراً لوصف المقسم به بصفات تقرر إمكانه وتنفي استبعاده على ما مر غير مرة، وقرأ حمزة والكسائي «علام الغيب» للمبالغة، ونافع وابن عامر ورويس عالِمِ الْغَيْبِ بالرفع على أنه خبر محذوف أو مبتدأ خبره. لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وقرأ الكسائي لاَ يَعْزُبُ بالكسر. وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ جملة مؤكدة لنفي العزوب، ورفعهما بالابتداء ويؤيده القراءة بالفتح على نفي الجنس، ولا يجوز عطف المرفوع على مِثْقالُ والمفتوح على ذَرَّةٍ بأنه فتح في موضع الجر لامتناع الصرف لأن الاستثناء يمنعه، اللهم إلا إذا جعل الضمير في عَنْهُ للغيب وجعل المثبت في اللوح خارجاً عنه لظهوره على المطالعين له فيكون المعنى لا ينفصل عن الغيب شيء إلا مسطوراً في اللوح.
[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٤ الى ٥]
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (٥)