والحب لله أن يطيعوه في أمره وينتهوا عن نهيه، فكل من كان أطوع لله فهو أشد حباً له. كما قال القائل:
لَوْ كَانَ حُبُّكَ صادقا لأطعته | إن المحب لِمَنْ يُحْبُّ مُطِيعُ |
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا، يعني القادة مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وهم السفلة وَرَأَوُا الْعَذابَ، يقال حين يروا العذاب وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ، أي العهود والحلف التي كانت بينهم في الدنيا. وقال القتبي: الأسباب يعني الأسباب التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا. وقال بعضهم وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ، أي الخلة والمواصلة، كما قال في آية أخرى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف: ٦٧] ويقال: الأرحام والمودة التي كانوا يتواصلون بها فيما بينهم.
قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا، أي السفلة: لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً، أي رجعة إلى الدنيا وذلك أن الرؤساء لما تبرؤوا منهم ولا ينفعونهم شيئاً، ندمت السفلة على اتباعهم في الدنيا ويقولون في أنفسهم: لو أن لنا كَرَّةً أي رجعة إلى الدنيا فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ، أي من القادة كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا القادة. قال الله تعالى: كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ لأنهم يرون أعمالهم غير مقبولة، لأنها كانت لغير وجه الله تعالى فيكون ذلك حسرة عليهم. وقوله تعالى:
وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ، يعني التابع والمتبوع والعابد والمعبود.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٦٨ الى ١٦٩]
يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (١٦٩)