وَاحِدٌ تَأْكُلُهُ الدُّودُ «١» فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْإِبْرَيْسِمُ، وَتَأْكُلُهُ النحل فيخرج منه العسل وتأكله الشاة والبقر وَالْأَنْعَامُ فَتُلْقِيهِ بَعْرًا وَرَوَثًا، وَتَأْكُلْهُ الظِّبَاءُ فَيَخْرُجُ مِنْهَا الْمِسْكُ وَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. وَعَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: هَاهُنَا حِصْنٌ حَصِينٌ أَمْلَسُ لَيْسَ لَهُ بَابٌ وَلَا مَنْفَذٌ، ظَاهِرُهُ كَالْفِضَّةِ الْبَيْضَاءِ، وَبَاطِنُهُ كالذهب الإبريز، فبينا هو كذلك إذا انْصَدَعَ جِدَارُهُ فَخَرَجَ مِنْهُ حَيَوَانٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ذُو شَكْلٍ حَسَنٍ وَصَوْتٍ مَلِيحٍ، يَعْنِي بِذَلِكَ الْبَيْضَةَ إِذَا خَرَجَ مِنْهَا الدَّجَاجَةُ. وَسُئِلَ أَبُو نواس عن ذلك فأنشد: [الوافر]
تَأَمَّلْ فِي نَبَاتِ الْأَرْضِ وَانْظُرْ | إِلَى آثَارِ مَا صَنَعَ الْمَلِيكُ |
عُيُونٌ مِنْ لُجَيْنٍ شَاخِصَاتٌ | بِأَحْدَاقٍ هِيَ الذَّهَبُ السَّبِيكُ |
عَلَى قُضُبِ الزَّبَرْجَدِ شَاهِدَاتٌ | بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ شَرِيكُ |
فَيَا عَجَبًا كَيْفَ يُعْصَى الْإِلَهُ | أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الْجَاحِدُ |
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةً | تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ |
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤)
ثُمَّ شَرَعَ تَعَالَى فِي تَقْرِيرِ النُّبُوَّةِ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقَالَ مُخَاطِبًا للكافرين:
(٢) ذرأ: خلق. [.....]
(٣) الأرايج والأرائج: جمع، أريجة، وهي الريح الطيبة.