بِئْرٍ قَدْ دَلَّى رِجْلَيْهِ، فَقَالَ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: لَأَقْتُلَنَّ مُحَمَّدًا، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ:
كَيْفَ تَقْتُلُهُ؟ قَالَ: أَقُولُ لَهُ: أَعْطِنِي سَيْفَكَ، فَإِذَا أَعْطَانِيهِ، قَتَلْتُهُ بِهِ، قَالَ: فَأَتَاهُ. فَقَالَ:
يَا مُحَمَّدُ، أَعْطِنِي سَيْفَكَ أَشِيمُهُ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَرُعِدَتْ يَدُهُ حَتَّى سَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حَالَ اللَّهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَا تُرِيدُ»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ مَشْهُورَةٌ فِي الصَّحِيحِ «١».
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو بن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ تَرَكْنَا لَهُ أَعْظَمَ شَجَرَةٍ وَأَظَلَّهَا، فَيَنْزِلُ تَحْتَهَا، فَنَزَلَ ذَاتَ يَوْمٍ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَعَلَّقَ سَيْفَهُ فِيهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ فَأَخَذَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ ضَعِ السَّيْفَ» فَوَضَعَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْمُؤَمِّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شعبة، سمعت أَبَا إِسْرَائِيلَ، يَعْنِي الْجُشَمِيَّ، سَمِعْتُ جَعْدَةَ هُوَ ابْنُ خَالِدِ بْنِ الصُّمَّةَ الْجُشَمِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَى رَجُلًا سَمِينًا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُومِئُ إِلَى بَطْنِهِ بِيَدِهِ وَيَقُولُ «لَوْ كَانَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا، لَكَانَ خَيْرًا لَكَ» قَالَ: وَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم برجل، فقيل: هذا أراد أن يقتلك، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ تُرَعْ وَلَوْ أَرَدْتَ ذَلِكَ لَمْ يُسَلِّطْكَ اللَّهُ عَلَيَّ».
وَقَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ أَيْ بَلِّغْ أَنْتَ وَاللَّهُ هُوَ الَّذِي يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [الْبَقَرَةِ: ٢٧٢] وَقَالَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ [الرعد: ٤٠].
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٦٨ الى ٦٩]
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٦٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩)
يَقُولُ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ يَا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ أَيْ مِنَ الدِّينِ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، أَيْ حَتَّى تُؤْمِنُوا بِجَمِيعِ مَا بِأَيْدِيكُمْ مِنَ الْكُتُبِ المنزلة من الله على الأنبياء،
(٢) مسند أحمد ٣/ ٤٧١.