سورة الأعراف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المص (١) كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (٣)
قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بالحروف وبسطه واختلاف الناس فيه، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ المص أَنَا اللَّهُ أَفْصِلُ، وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جبير كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ أَيْ هَذَا كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ أَيْ مِنْ رَبِّكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ قال مجاهد وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: شَكٌّ مِنْهُ «٢»، وَقِيلَ: لَا تَتَحَرَّجْ به في إبلاغه والإنذار به فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلِهَذَا قَالَ لِتُنْذِرَ بِهِ أي أنزلناه إِلَيْكَ لِتُنْذِرَ بِهِ الْكَافِرِينَ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخَاطِبًا لِلْعَالَمِ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ أَيِ اقْتَفُوا آثَارَ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي جَاءَكُمْ بِكِتَابٍ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكِهِ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أَيْ لَا تَخْرُجُوا عَمَّا جَاءَكُمْ بِهِ الرَّسُولُ إِلَى غَيْرِهِ، فَتَكُونُوا قَدْ عَدَلْتُمْ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ إِلَى حُكْمِ غَيْرِهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ كَقَوْلِهِ وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يُوسُفَ: ١٠٣] وَقَوْلِهِ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام: ١٤٦] الآية وَقَوْلِهِ وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف: ١٠٦].
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤ الى ٧]
وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (٤) فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٥) فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ (٧)
يَقُولُ تَعَالَى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَيْ بِمُخَالَفَةِ رُسُلِنَا وَتَكْذِيبِهِمْ، فَأَعْقَبَهُمْ ذَلِكَ خِزْيُ الدُّنْيَا مَوْصُولًا بِذُلِّ الْآخِرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ
[الأنعام: ١٠] وكقوله فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ [الْحَجِّ: ٤٥] وَقَالَ تَعَالَى: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ
(١) تفسير الطبري ٥/ ٤٢٤.
(٢) انظر تفسير الطبري ٥/ ٤٢٥.


الصفحة التالية
Icon