وَيَتَسَلَّى بِهِ عَنْ وَلَدِهِ الَّذِي فَقَدَهُ فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ أَيْ بَدَلَهُ يَكُونُ عِنْدَكَ عِوَضًا عنه، إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ أي الْعَادِلِينَ الْمُنْصِفَيْنِ الْقَابِلَيْنِ لِلْخَيْرِ، قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ أَيْ كَمَا قُلْتُمْ وَاعْتَرَفْتُمْ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ أي إن أخذنا بريئا بسقيم.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٨٠ الى ٨٢]
فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٠) ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٨١) وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٨٢)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ إِخْوَةِ يُوسُفَ أَنَّهُمْ لَمَّا يَئِسُوا مِنْ تَخْلِيصِ أَخِيهِمْ بِنْيَامِينَ الَّذِي قَدِ الْتَزَمُوا لِأَبِيهِمْ بِرَدِّهِ إِلَيْهِ، وَعَاهَدُوهُ عَلَى ذَلِكَ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ خَلَصُوا أَيِ انْفَرَدُوا عَنِ النَّاسِ نَجِيًّا يَتَنَاجَوْنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ قالَ كَبِيرُهُمْ وَهُوَ رُوبِيلُ، وَقِيلَ: يَهُوذَا، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِمْ بِإِلْقَائِهِ فِي الْبِئْرِ عند ما هَمُّوا بِقَتْلِهِ، قَالَ لَهُمْ: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَرُدُّنَّهُ إِلَيْهِ فَقَدْ رَأَيْتُمْ كَيْفَ تَعَذَّرَ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لَكُمْ مِنْ إِضَاعَةِ يُوسُفَ عَنْهُ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ أَيْ لَنْ أُفَارِقَ هَذِهِ الْبَلْدَةَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي فِي الرُّجُوعِ إِلَيْهِ رَاضِيًا عَنِّي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي قِيلَ: بِالسَّيْفِ، وَقِيلَ: بِأَنْ يُمَكِّنَنِي مِنْ أَخْذِ أَخِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ.
ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يُخْبِرُوا أَبَاهُمْ بِصُورَةِ مَا وَقَعَ، حَتَّى يَكُونَ عُذْرًا لَهُمْ عِنْدَهُ، وَيَتَنَصَّلُوا إِلَيْهِ وَيَبْرَءُوا مِمَّا وَقَعَ بِقَوْلِهِمْ وَقَوْلُهُ: وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ قال قتادة وعكرمة: ما علمنا أَنَّ ابْنَكَ سَرَقَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: مَا عَلِمْنَا فِي الْغَيْبِ أنه سرق لَهُ شَيْئًا، إِنَّمَا سَأَلَنَا مَا جَزَاءُ السَّارِقِ؟ وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها: قِيلَ الْمُرَادُ مِصْرُ، قَالَهُ قَتَادَةُ، وَقِيلَ غَيْرُهَا، وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها أَيِ الَّتِي رَافَقْنَاهَا، عَنْ صِدْقِنَا وَأَمَانَتِنَا وَحِفْظِنَا وَحِرَاسَتِنَا، وَإِنَّا لَصادِقُونَ فِيمَا أَخْبَرْنَاكَ بِهِ من أنه سرق وأخذوه بسرقته.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٨٣ الى ٨٦]
قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يَا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤) قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (٨٥) قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٦)
قَالَ لَهُمْ كَمَا قَالَ لَهُمْ حِينَ جَاءُوا عَلَى قَمِيصِ يُوسُفَ بِدَمٍ كَذِبٍ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا جَاءُوا يعقوب وأخبروه بما جرى، اتهمهم فظن أَنَّهَا كَفَعْلَتِهِمْ بِيُوسُفَ، قَالَ: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ «١» وقال بعض