بِشْرٍ بِطَرَسُوسَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ قَرَأَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ» وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بِشْرٍ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرٍ وَهُوَ الْحِمْصِيُّ، مِنْ رِجَالِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا، فَهُوَ إِسْنَادٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ زَعَمَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ، أَنَّهُ حَدِيثٌ موضوع، والله أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ فِي إِسْنَادِ كل منهما ضَعْفٌ. وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الْمُقْرِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ دُرُسْتُوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنِ الْمُثَنَّى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنِ اقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كل صلاة مكتوبة، فإنه من يقرؤها فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، أَجْعَلْ لَهُ قلب الشاكرين، ولسان الذاكرين، وثواب النبيين، وَأَعْمَالَ الصِّدِّيقِينَ، وَلَا يُوَاظِبُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ عَبْدٌ امْتَحَنْتُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ، أَوْ أُرِيدُ قَتْلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا.
حَدِيثٌ آخَرُ فِي أنها تحفظ من قرأها في أَوَّلَ النَّهَارِ وَأَوَّلَ اللَّيْلِ. قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ أَبُو سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدِينِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَلِيكِيِّ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ قَرَأَ: حم الْمُؤْمِنَ إِلَى إِلَيْهِ الْمَصِيرُ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ، حِينَ يُصْبِحُ، حُفِظَ بِهِمَا حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَرَأَهُمَا حِينَ يُمْسِي حُفِظَ بِهِمَا حَتَّى يُصْبِحَ» ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ الْمَلِيكِيِّ، مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي فضلها أَحَادِيثُ أُخَرُ، تَرَكْنَاهَا اخْتِصَارًا لِعَدَمِ صِحَّتِهَا وَضَعْفِ أسانيدها كحديث علي في قِرَاءَتِهَا عِنْدَ الْحِجَامَةِ، أَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ حِجَامَتَيْنِ. وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابَتِهَا فِي الْيَدِ الْيُسْرَى بِالزَّعْفَرَانِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَتُلْحَسُ لِلْحِفْظِ وَعَدَمِ النِّسْيَانِ، أَوْرَدَهُمَا ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَهَذِهِ الْآيَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى عَشْرِ جُمَلٍ مُسْتَقِلَّةٍ
فَقَوْلُهُ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِخْبَارٌ بِأَنَّهُ الْمُتَفَرِّدُ بِالْإِلَهِيَّةِ لِجَمِيعِ الْخَلَائِقِ الْحَيُّ الْقَيُّومُ أَيِ الْحَيُّ فِي نَفْسِهِ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَبَدًا، الْقَيِّمُ لِغَيْرِهِ. وَكَانَ عُمَرُ يَقْرَأُ «الْقَيَّامُ»، فَجَمِيعُ الموجودات مفتقرة إليه، وهو غني عنها، لا قَوَامَ لَهَا بِدُونِ أَمْرِهِ، كَقَوْلِهِ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ [الرُّومِ: ٢٥] وَقَوْلُهُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ أَيْ لَا يَعْتَرِيهِ نَقْصٌ وَلَا غَفْلَةٌ وَلَا ذُهُولٌ عَنْ خَلْقِهِ، بَلْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، شَهِيدٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ،