ثم ذكر أسباب هذا الجزاء فقال:
(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) أي إنهم حازوا رضا الله بالتزام حدود شريعته، فحمدوا مغبة أعمالهم، ونالوا ما يرضيهم فى دنياهم وآخرتهم.
(ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) أي هذا الجزاء الحسن إنما يكون لمن ملأت قلبه الخشية والخوف من ربه.
وفى ذلك تحذير من خشية غير الله، وتنفير من إشراك غيره به فى جميع الأعمال كما أن فيه ترغيبا فى تذكر الله ورهبته لدى كل عمل من أعمال البر حتى يكون العمل له خالصا، إلى أن فيه إيماء إلى أن أداء بعض العبادات كالصلاة والصوم بحركات وسكنات مجردين عن الخشية لا يكفى فى نيل ما أعد للذين آمنوا وعملوا الصالحات من الجزاء، لأن الخشية لم تحلّ قلوبهم، ولم تهذب نفوسهم.
نسأل الله أن يطهر قلوبنا، وينير بصائرنا، حتى لا نرهب سواه، ولا نخشى إلا إياه، والحمد لله رب العالمين.
سورة الزلزلة
هى مدنية، وآياتها ثمان، نزلت بعد سورة النساء.
ووجه مناسبتها لما قبلها- أنه لما ذكر فيما سلف جزاء المؤمنين والكافرين، بين هنا وقت ذلك الجزاء وعلاماته.
[سورة الزلزلة (٩٩) : الآيات ١ الى ٨]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢) وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (٤)بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (٥) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)