(١١٠) س ح ق [فسحقا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ «١».
قال: بعدا لأصحاب السعير.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت حسان بن ثابت «٢» وهو يهجو أبيّ بن خلف «٣» فهو يقول:

ألا من مبلغ عنّي أبيّا فقد ألقيت في سحق السّعير «٤»
(١) سورة الملك، الآية: ١١.
(٢) حسان بن ثابت: سبق التعريف عنه في رقم ١٢.
(٣) أبي بن خلف: بن وهب بن جمح، قتله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد وذلك أن أبيّ لقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكة فقال له يا محمد إن عندي العوذ فرسا أعلفه كل يوم نرقا- اثني عشر رطلا- من الذرة، أقتلك عليه.
فيقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بل أنا أقتلك عليه إن شاء الله».
(٤) كذا في (الأصل المخطوط) و (الإتقان) ١/ ١٢٨. ولم يرد البيت في (الديوان). واستشهد به ابن هشام في (السيرة) ٣/ ٩٠.
وبعد أحد عاد أبيّ إلى قريش، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد خدشه في عنقه خدشا غير كبير.
فاحتقن الدم، قال أبي: قتلني والله محمد، قالوا له: ذهب والله فؤادك. والله إن بك من بأس!! قال: إنه قد كان قال لي بمكة: (أنا أقتلك) فو الله لو بصق علي لقتلني. فمات عدو الله بسرف وهم قافلون إلى مكة. وفي ذلك يقول حسان بن ثابت:
ألا من مبلغ عني أبيا لقد ألقيت في سحق السعير
تمنى بالضلالة من بعيد وتقسم أن قدرت مع النذور
تمنيك الأماني من بعيد وقول الكفر يرجع في غرور
فقد لاقتك طعنة ذي حفاظ كريم البيت ليس بذي فجور
فقد فضل على الأحياء طرا إذا نابت ملمات الأمور
(٤) كذا في (الأصل المخطوط، ولم ترد هذه المسألة في (الإتقان).


الصفحة التالية
Icon