سورة الطّارق
هي سبع عشرة آية، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ، وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وَالنَّحَّاسُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ بِمَكَّةَ، وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ خَالِدٍ الْعَدْوَانِيِّ: «أَنَّهُ أَبْصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُوقِ ثَقِيفٍ وَهُوَ قائم على قوس أو عصا حِينَ أَتَاهُمْ يَبْتَغِي النَّصْرَ عِنْدَهُمْ، فَسَمِعَهُ يَقْرَأُ: وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ حَتَّى خَتَمَهَا، قَالَ: فَوَعَيْتُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ قَرَأْتُهَا فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ: فَدَعَتْنِي ثَقِيفٌ فَقَالُوا: مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَقَرَأْتُهَا، فَقَالَ مَنْ مَعَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ:
نَحْنُ أَعْلَمُ بِصَاحِبِنَا، لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ مَا يَقُولُ حقا لاتبعناه».
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الطارق (٨٦) : الآيات ١ الى ١٧]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤)فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (٩)
فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ (١٠) وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (١٢) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤)
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥) وَأَكِيدُ كَيْداً (١٦) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (١٧)
أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ بِالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ، وَهُوَ النَّجْمُ الثَّاقِبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ التَّنْزِيلُ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ:
أَقْسَمَ اللَّهُ بِالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ، يَعْنِي الْكَوَاكِبَ تَطْرُقُ بِاللَّيْلِ وَتَخْفَى بِالنَّهَارِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الطَّارِقُ: النَّجْمُ لِأَنَّهُ يَطْلُعُ بِاللَّيْلِ، وَمَا أَتَاكَ لَيْلًا فَهُوَ طَارِقٌ. وَكَذَا قَالَ الزَّجَّاجُ وَالْمُبَرِّدُ: وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وَمِثْلُكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتِ ومرضعا | فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ «١» |
أَلَمْ تَرَيَانِي كُلَّمَا جِئْتُ طَارِقًا | وَجَدْتُ بِهَا طِيبًا وَإِنْ لَمْ تُطَيَّبِ |
هُوَ الَّذِي تُرْمَى بِهِ الشَّيَاطِينُ. وَقِيلَ: هُوَ جِنْسُ النَّجْمِ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَالطَّارِقُ: النَّجْمُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ كَوْكَبُ الصُّبْحِ، وَمِنْهُ قَوْلُ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ:
نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقْ | نَمْشِي على النّمارق |