سُورَةُ الْفُرْقَانِ مَكِّيَّةٌ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢) ﴾
﴿تَبَارَكَ﴾ تَفَاعَلَ، مِنَ الْبَرَكَةِ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ: جَاءَ بِكُلِّ بَرَكَةٍ، دَلِيلُهُ قَوْلُ الْحَسَنِ: مَجِيءُ الْبَرَكَةِ مِنْ قِبَلِهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تَعَظَّمَ، ﴿الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ﴾ أَيْ: الْقُرْآنَ، ﴿عَلَى عَبْدِهِ﴾ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ﴿لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ أَيْ: لِلْجِنِّ وَالْإِنْسِ. قِيلَ: النَّذِيرُ هُوَ الْقُرْآنُ. وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٢). ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ صِفَةُ الْمَخْلُوقِ، ﴿فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ فَسَوَّاهُ وَهَيَّأَهُ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ، لَا خَلَلَ فِيهِ وَلَا تَفَاوُتَ، وَقِيلَ: قَدَّرَ لِكُلِّ شَيْءٍ تَقْدِيرًا مِنَ الْأَجَلِ وَالرِّزْقِ، فَجَرَتِ الْمَقَادِيرُ عَلَى مَا خَلَقَ.
وقول الجمهور هو الراجح، ومكية السورة واضحة من موضوعها وأسلوبها، وهذا يتفق مع الرواية الراجحة. والله أعلم انظر: الدر المنثور: ٦ / ٢٣٤، القرطبي: ١٣ / ١، زاد المسير: ٦ / ٧١، البحر المحيط: ٦ / ٤٨٠، المحرر الوجيز: ١٢ / ٥.
(٢) القول الأول حكاه الماوردي، ورجح الطبري أنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن لم يكن في الحقيقة تعارض بين المعنيين، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينذر به العالمين، ومحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو رسول الله تعالى للعالمين. والله أعلم. انظر: الطبري ١٩ / ١٨٠، زاد المسير: ٦ / ٧٢.