(الر) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
هذه آيات الكتاب المحكم الذي أحكمه الله وبيَّنه لعباده.
أكان أمرًا عجبًا للناس إنزالنا الوحي بالقرآن على رجل منهم ينذرهم عقاب الله، ويبشِّر الذين آمنوا بالله ورسله أن لهم أجرًا حسنًا بما قدَّموا من صالح الأعمال؟ فلما أتاهم رسول الله ﷺ بوحي الله وتلاه عليهم، قال المنكرون: إنَّ محمدًا ساحر، وما جاء به سحر ظاهر البطلان.
إن ربكم الله الذي أوجد السموات والأرض في ستة أيام، ثم استوى -أي علا وارتفع- على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته، يدبر أمور خلقه، لا يضادُّه في قضائه أحد، ولا يشفع عنده شافع يوم القيامة إلا من بعد أن يأذن له بالشفاعة، فاعبدوا الله ربكم المتصف بهذه الصفات، وأخلصوا له العبادة. أفلا تتعظون وتعتبرون بهذه الآيات والحجج؟
إلى ربكم معادكم يوم القيامة جميعًا، وهذا وعد الله الحق، هو الذي يبدأ إيجاد الخلق ثم يعيده بعد الموت، فيوجده حيًا كهيئته الأولى، ليجزي مَن صَدَّق الله ورسوله، وعمل الأعمال الحسنة أحسن الجزاء بالعدل. والذين جحدوا وحدانية الله ورسالة رسوله لهم شراب من ماء شديد الحرارة يشوي الوجوه ويقطِّع الأمعاء، ولهم عذاب موجع بسبب كفرهم وضلالهم.
الله هو الذي جعل الشمس ضياء، وجعل القمر نورًا، وقدَّر القمر منازل، فبالشمس تعرف الأيام، وبالقمر تعرف الشهور والأعوام، ما خلق الله تعالى الشمس والقمر إلا لحكمة عظيمة، ودلالة على كمال قدرة الله وعلمه، يبيِّن الحجج والأدلة لقوم يعلمون الحكمة في إبداع الخلق.
إن في تعاقب الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض من عجائب الخلق وما فيهما من إبداع ونظام، لأدلة وحججًا واضحة لقوم يخشون عقاب الله وسخطه وعذابه.