سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ مَكِّيَّةٌ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) ﴾
﴿الم أَحَسِبَ النَّاسُ﴾ [أَظَنَّ النَّاسُ] (٢)، ﴿أَنْ يُتْرَكُوا﴾ بِغَيْرِ اخْتِبَارٍ وَلَا ابْتِلَاءٍ، ﴿أَنْ يَقُولُوا﴾ [أَيْ: بِأَنْ يَقُولُوا] (٣)، ﴿آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ لَا يُبْتَلَوْنَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ؟ كلا لنختبرنهم ليبَّين الْمُخَلِصَ مِنَ الْمُنَافِقِ وَالصَّادِقَ مِنَ الْكَاذِبِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي أُنَاسٍ كَانُوا بِمَكَّةَ قَدْ أَقَرُّوا بِالْإِسْلَامِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْكُمْ إِقْرَارٌ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى تُهَاجِرُوا، فَخَرَجُوا عَامِدِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَاتَّبَعَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَقَاتَلُوهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ وَمِنْهُمْ مَنْ نَجَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ (٤).
(٢) ساقط من "أ".
(٣) ساقط من "ب".
(٤) عزاه السيوطي في الدر: (٦ / ٤٤٩) لعبد بن حميد، وابن جرير الطبري، ٢٠ / ١٢٩، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وذكره الواحدي في الأسباب ص (٣٩٣). قال ابن عطية في "المحرر الوجيز": (١٢ / ١٩٩). "وهذه الآية وإن كانت نزلت بهذا السبب وفي هذه الجماعة، فهي بمعناها باقية في أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، موجود حكمها بقية الدهر، وذلك أن الفتنة من الله تعالى والاختبار باق في ثغور المسلمين بالأسر ونكاية العدو وغير ذلك، وإذا اعتبرنا أيضا كل موضع، ففيه ذلك بالأمراض وأنواع المحن، ولكن التي تشبه نازلة المؤمنين مع قريش هي ما ذكرناه من أمر العدو في كل ثغر".