الجزء السابع والعشرون
[تتمة سورة الزمر]

بسم الله الرحمن الرحيم

[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٥٣ الى ٥٩]
قُلْ يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٥٥) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧)
أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (٥٩)
[في قوله تعالى قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا إلى قوله هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَطْنَبَ فِي الْوَعِيدِ أَرْدَفَهُ بِشَرْحِ كَمَالِ رَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ فِي حَقِّ الْعَبِيدِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يَعْفُو عَنِ الْكَبَائِرِ، فَقَالُوا: إِنَّا بَيَّنَّا فِي هَذَا الكتاب أن عرف القرآن جار بتخصيص اسم الْعِبَادِ بِالْمُؤْمِنِينَ «١» قَالَ تَعَالَى: وَعِبادُ الرَّحْمنِ/ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً [الفرقان: ٦٣]
(١) الصواب أن يقال: «بتخصيص اسم العباد بالمؤمنين إذا أضيف إلى الله تعالى، كما في الآية والآيتين اللتين استشهد بها، وإلا فإن هذا يعارضه قول الله تعالى: يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ [يس: ٣٠] فالذين يستهزئون برسل الله ليسوا بمؤمنين والذين يتحسر عليهم لم يذكروا في معرض التعظيم وإنما ذكروا في الذم والإهانة كما هو صريح الآية ولو صح ذلك لم يحتج إلى نعت العباد ووصفهم بصفات تقتضي المدح أو القدح، فلفظ العباد يشمل المؤمن والكافر، ولذا خصصه بالصفة.


الصفحة التالية
Icon