بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة القيامةأربعون آية مكية
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمُفَسِّرُونَ ذَكَرُوا فِي لَفْظَةِ (لَا) فِي قَوْلِهِ: لَا أُقْسِمُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا صِلَةٌ زَائِدَةٌ وَالْمَعْنَى أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَنَظِيرُهُ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ [الْحَدِيدِ: ٢٩] وقوله: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ [الأعراف: ١٢] فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ [آلِ عِمْرَانَ: ١٥٩] وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي ضَعِيفٌ مِنْ وُجُوهٍ:
أَوَّلُهَا: أَنَّ تَجْوِيزَ هَذَا يُفْضِي إِلَى الطَّعْنِ فِي الْقُرْآنِ، لِأَنَّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَجُوزُ جَعْلُ النَّفْيِ إِثْبَاتًا وَالْإِثْبَاتِ نَفْيًا وَتَجْوِيزُهُ يُفْضِي إِلَى أَنْ لَا يَبْقَى الِاعْتِمَادُ عَلَى إِثْبَاتِهِ وَلَا عَلَى نَفْيِهِ وَثَانِيهَا: أَنَّ هَذَا الْحَرْفَ إِنَّمَا يُزَادُ فِي وَسَطِ الْكَلَامِ لَا فِي أَوَّلِهِ، فَإِنْ قيل: [فال] كلام عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا إِنَّمَا تُزَادُ فِي وَسَطِ الْكَلَامِ، أَلَا تَرَى إِلَى امْرِئِ الْقَيْسِ كَيْفَ زَادَهَا فِي مُسْتَهَلِّ قَصِيدَتِهِ وَهِيَ قَوْلُهُ:
لَا وَأَبِيكِ ابْنَةَ الْعَامِرِيِّ | لَا يَدَّعِي الْقَوْمُ أَنِّي أَفِرُّ |
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُقْسِمُ كَانَ الْبِرُّ بِتَرْكِ الْقَسَمِ، وَالْحِنْثُ بِفِعْلِ الْقَسَمِ، فَظَهَرَ أَنَّ الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ، لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ الْقُرْآنَ كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ فِي عَدَمِ التناقض، فإما في أَنْ يُقْرَنَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا قُرِنَ بِالْآيَةِ الْأُخْرَى فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، لِأَنَّهُ يُلْزِمُ جَوَازَ أَنْ يُقْرَنَ بِكُلِّ إِثْبَاتٍ حَرْفُ النَّفْيِ فِي سَائِرِ الْآيَاتِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْقِلَابَ كُلِّ إِثْبَاتٍ نَفْيًا وَانْقِلَابَ كُلِّ نَفْيٍ إِثْبَاتًا، وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِنَا: لَا صلة أنه لَغْوٌ بَاطِلٌ، يَجِبُ طَرْحُهُ وَإِسْقَاطُهُ حَتَّى يَنْتَظِمَ الْكَلَامُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَصْفَ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ/ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ الثَّانِي: