[لقمان/ ١٤] : إنه عنى الأب الذي ولده، والمعلّم الذي علمه.
وقوله تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ [الأحزاب/ ٤٠]، إنما هو نفي الولادة، وتنبيه أنّ التبني لا يجري مجرى البنوّة الحقيقية.
وجمع الأب آباء وأبوّة نحو: بعولة وخؤولة.
وأصل «أب» فعل»
، وقد أجري مجرى قفا وعصا في قول الشاعر:
٣-
إنّ أباها وأبا أباها
«٢» ويقال: أبوت القوم: كنت لهم أبا، أأبوهم، وفلان يأبو بهمه أي: يتفقّدها تفقّد الأب.
وزادوا في النداء فيه تاء، فقالوا: يا أبت «٣».
وقولهم: بأبأ الصبي، فهو حكاية صوت الصبي إذا قال: بابا «٤».
أبى
الإباء: شدة الامتناع، فكل إباء امتناع وليس كل امتناع إباءا.
قوله تعالى: وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ [التوبة/ ٣٢]، وقال: وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ [التوبة/ ٨]، وقوله تعالى: أَبى وَاسْتَكْبَرَ [البقرة/ ٣٤]، وقوله تعالى: إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى [طه/ ١١٦] وروي: «كلّكم في الجنّة إلا من أبى» «٥»، ومنه: رجل أَبِيٌّ: ممتنع من تحمّل الضيم، وأبيت الضير تأبى، وتيس آبَى، وعنز أَبْوَاء: إذا أخذه من شرب ماءٍ فيه بول الأروى داء يمنعه من شرب الماء «٦».

(١) قال شيخنا العلامة أحمد الحسني الشنقيطي في هذا المعنى:
في أب اختلافهم هل فعل... أو هو بالسكون خلف نقلوا
فكوفة عندهم مسكّن... وبصرة لعكس ذاك ركنوا
(٢) هذا شطر بيت، وعجزه:
قد بلغا في المجد غايتاها
وفي المخطوطة البيت بتمامه ص ٢. وهو لأبي النجم العجلي، وهو في شرح ابن عقيل ١/ ٥١، وشفاء العليل بشرح التسهيل ١/ ١٢٠، وشرح المفصل ١/ ٥٣، وقيل: هو لرؤبة، في ملحقات ديوانه ص ١٦٨.
(٣) وهذه التاء عوض عن الياء، قال ابن مالك في ألفيّته:
وفي نداء أبت أمت عرض... وافتح أو اكسر، ومن اليا التاء عوض
(٤) راجع لسان العرب (بأبأ) ١/ ٢٥، والمسائل الحلبيات ص ٣٢٦. [.....]
(٥) الحديث عن أبي هريرة أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال: كل أمتي يدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى. أخرجه البخاري انظر فتح الباري ١٣/ ٢٤٩، باب الاعتصام بالسنة، وأحمد في المسند ٢/ ٣٦١، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح أيضا. انظر: مجمع الزوائد ١٠/ ٧٣.
(٦) راجع لسان العرب ١٤/ ٥ مادة (أبى)، والأروى: أنثى الوعول، وهو اسم جمع.


الصفحة التالية
Icon