بدلا من الميم. قال عزّ وجلّ: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً [آل عمران/ ٩٦]. وقيل: بطن مكة، وقيل: هي اسم المسجد، وقيل: هي البيت، وقيل: هي حيث الطواف «١» وسمّي بذلك من التَبَاكِّ، أي:
الازدحام، لأنّ الناس يزدحمون فيه للطواف، وقيل: سميت مكّة بَكَّة لأنها تبكّ أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم.
بكر
أصل الكلمة هي البُكْرَة التي هي أوّل النهار، فاشتق من لفظه لفظ الفعل، فقيل: بَكَرَ فلان بُكُورا: إذا خرج بُكْرَةً، والبَكُور: المبالغ في البكرة، وبَكَّر في حاجته وابْتَكَر وبَاكَرَ مُبَاكَرَةً.
وتصوّر منها معنى التعجيل لتقدمها على سائر أوقات النهار، فقيل لكلّ متعجل في أمر: بِكْر، قال الشاعر:
٦٤-

بكرت تلومك بعد وهن في النّدى بسل عليك ملامتي وعتابي
وسمّي أول الولد بكرا، وكذلك أبواه في ولادته [إيّاه تعظيما له، نحو: بيت الله، وقيل:
أشار إلى ثوابه وما أعدّ لصالحي عباده ممّا لا يلحقه الفناء، وهو المشار إليه بقوله تعالى: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ] «٣» [العنكبوت/ ٦٤]، قال الشاعر:
٦٥-
يا بكر بكرين ويا خلب الكبد
«٤» فبكر في قوله تعالى: لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ
[البقرة/ ٦٨]. هي التي لم تلد، وسمّيت التي لم تفتضّ بكرا اعتبارا بالثيّب، لتقدّمها عليها فيما يراد له النساء، وجمع البكر أبكار. قال تعالى:
إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً [الواقعة/ ٣٥- ٣٦]. والبَكَرَة: المحالة الصغيرة، لتصوّر السرعة فيها.
بكم
قال عزّ وجلّ: صُمٌّ بُكْمٌ
[البقرة/ ١٨]، جمع أَبْكَم، وهو الذي يولد أخرس، فكلّ أبكم أخرس، وليس كل أخرس أبكم، قال تعالى:
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ [النحل/ ٧٦]، ويقال: بَكِمَ عن
(١) انظر: الدر المنثور ٢/ ٥٧.
(٢) البيت في اللسان (بكر) بلا نسبة. وهو لضمرة بن ضمرة النهشلي، وهو من نوادر أبي زيد ص ٢، والأفعال ٤/ ٦٧، والبرصان والعرجان للجاحظ ص ٥٩، وأمالي القالي ٢/ ٢٧٩. [.....]
(٣) ما بين [] ليس في نسخة المحمودية رقم ٢٠٩١، وهو ثابت في باقي النسخ، ولا أرى له تعلّقا بما قبله سوى قوله تعظيما له نحو بيت الله.
(٤) هذا شطر بيت، وعجزه:
أصبحت مني كذراع من عضد
وهو في اللسان (بكر)، وغريب الحديث للخطّابي ٢/ ٣١٥، والصحاح: بكر، وديوان الأدب للفارابي ١/ ١٨٠، وأمالي القالي ١/ ٢٤ ولم ينسبه أحد منهم، والبيت للكميت في ديوانه ١/ ١٦٦، ومثلث البطليوسي ١/ ٣٦٢.
الخلب: حجاب القلب. ومنه قيل: إنّه لخلب النساء، أي: يحببنه.


الصفحة التالية
Icon