وسميت المفازة بلدا لكونها موطن الوحشيات، والمقبرة بلدا لكونها موطنا للأموات، والبَلْدَة منزل من منازل القمر، والبُلْدَة: البلجة ما بين الحاجبين تشبيها بالبلد لتمدّدها، وسميت الكركرة بلدة لذلك، وربما استعير ذلك لصدر الإنسان «١»، ولاعتبار الأثر قيل: بجلده بَلَدٌ، أي: أثر، وجمعه: أَبْلَاد، قال الشاعر:
٦٦-
وفي النّحور كلوم ذات أبلاد
«٢» وأَبْلَدَ الرجل: صار ذا بلد، نحو: أنجد وأتهم «٣». وبَلِدَ: لزم البلد.
ولمّا كان اللازم لموطنه كثيرا ما يتحيّر إذا حصل في غير موطنه قيل للمتحيّر: بَلُدَ في أمره وأَبْلَدَ وتَبَلَّدَ، قال الشاعر:
٦٧-
لا بدّ للمحزون أن يتبلّدا
«٤» ولكثرة وجود البلادة فيمن كان جلف البدن قيل: رجل أبلد، عبارة عن عظيم الخلق، وقوله تعالى: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً [الأعراف/ ٥٨]، كنايتان عن النفوس الطاهرة والنجسة فيما قيل «٥».
بلس
الإِبْلَاس: الحزن المعترض من شدة البأس، يقال: أَبْلَسَ، ومنه اشتق إبليس فيما قيل. قال عزّ وجلّ: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ
[الروم/ ١٢]، وقال تعالى:
أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ
[الأنعام/ ٤٤]، وقال تعالى: وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ [الروم/ ٤٩].
ولمّا كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل: أَبْلَسَ فلان: إذا سكت وإذا انقطعت حجّته، وأَبْلَسَتِ الناقة فهي مِبْلَاس: إذا
(٢) هذا عجز بيت للقطامي، وصدره:
ليست تجرّح فرّارا ظهورهم
وهو في اللسان (بلد)، وديوانه ص ١٢، والمشوف المعلم ١/ ١١٧، والبصائر ٢/ ٢٧٣، وإصلاح المنطق ص ٤١٠.
(٣) راجع: مادة (ألف).
(٤) البيت يروى:
ألا لا تلمه اليوم أن يتبلّدا | فقد غلب المحزون أن يتجلّدا |
لا بدّ للمصدور من أن يسعلا
وهو في اللسان: (صدر) ٤/ ٤٥ والبيت للأحوص، وهو في الأغاني ١٣/ ١٥٣، وديوانه ص ٩٨.
(٥) وهذا مروي عن ابن عباس وقتادة. راجع الدر المنثور ٣/ ٤٧٨.