غلبة الظّنّ، وعلى هذا قوله: يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ
[آل عمران/ ١٣]، أي: يظنّونهم بحسب مقتضى مشاهدة العين مثليهم، تقول: فعل ذلك رأي عيني، وقيل: رَاءَةَ عيني. والرَّوِيَّةُ والتَّرْوِيَةُ: التّفكّر في الشيء، والإمالة بين خواطر النّفس في تحصيل الرّأي، والْمُرْتَئِي والْمُرَوِّي: المتفكّر، وإذا عدّي رأيت بإلى اقتضى معنى النّظر المؤدّي إلى الاعتبار، نحو: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ [الفرقان/ ٤٥]، وقوله: بِما أَراكَ اللَّهُ [النساء/ ١٠٥]، أي: بما علّمك. والرَّايَةُ: العلامة المنصوبة للرّؤية. ومع فلان رَئِيٌّ من الجنّ، وأَرْأَتِ الناقة فهي مُرْءٍ: إذا أظهرت الحمل حتى يرى صدق حملها.
والرُّؤْيَا: ما يرى في المنام، وهو فعلى، وقد يخفّف فيه الهمزة فيقال بالواو، وروي: «لم يبق من مبشّرات النّبوّة إلّا الرّؤيا» «١». قال: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ
[الفتح/ ٢٧]، وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ [الإسراء/ ٦٠]، وقوله: فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ
[الشعراء/ ٦١]، أي: تقاربا وتقابلا حتى صار كلّ واحد منهما بحيث يتمكّن من رؤية الآخر، ويتمكّن الآخر من رؤيته. ومنه قوله: «لا تَتَرَاءَى نارهما» «٢». ومنازلهم رِئَاءٌ، أي: متقابلة. وفعل ذلك رِئَاءُ الناس، أي: مُرَاءَاةً وتشيّعا. والْمِرْآةُ ما يرى فيه صورة الأشياء، وهي مفعلة من: رأيت، نحو: المصحف من صحفت، وجمعها مَرَائِي، والرِّئَةُ: العضو المنتشر عن القلب، وجمعه من لفظه رِؤُونَ، وأنشد (أبو زيد) :
٢٠٨-

فغظناهمو حتى أتى الغيظ منهمو قلوبا وأكبادا لهم ورئينا
«٣» ورِئْتُهُ: إذا ضربت رِئَتَهُ.
روى
تقول: ماء رَوَاءٌ، ورِوًى، أي: كثير مُرْوٍ، فَرِوًى على بناء عدى: ومَكاناً سُوىً [طه/ ٥٨]، قال الشاعر:
(١) الحديث تقدّم في مادة (بشر).
(٢) الحديث عن قيس بن أبي حازم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث سرية إلى قوم من خثعم، فاستعصموا بالسجود فقتلوا، فقضى رسول الله بنصف العقل، وقال: «إني بريء من كل مسلم مع مشرك»، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ألا لا تراءى نارهما». أخرجه النسائي ٨/ ٣٦.
وأخرجه أبو داود في الجهاد برقم (٢٦٤٥) ولفظه: «أنا بريء من كل مسلم مقيم بين أظهر المشركين، لا تتراءى ناراهما» والترمذي في أبواب السير. انظر: عارضة الأحوذي ٨/ ١٠٤، والحديث صحيح لكن اختلف في وصله وإرساله. وانظر: شرح السنة ١٠/ ٣٧٣.
(٣) البيت في اللسان (رأى)، دون نسبة، وهو في نوادر أبي زيد ص ١٩٥.
والبيت للأسود بن يعفر في ديوانه ص ٦٣، والمسائل الحلبيات للفارسي ص ٦١، والتكملة له ص ٤٢٨.


الصفحة التالية
Icon