كذلك» «١» وقوله تعالى: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ [هود/ ٧]، تنبيه أنّ العَرْشَ لم يزل منذ أوجد مستعليا على الماء، وقوله: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ [البروج/ ١٥]، رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ [غافر/ ١٥]، وما يجري مجراه قيل:
هو إشارة إلى مملكته وسلطانه لا إلى مقرّ له يتعالى عن ذلك.
عرض
العَرْضُ: خلافُ الطّولِ، وأصله أن يقال في الأجسام، ثمّ يستعمل في غيرها كما قال:
فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ
[فصلت/ ٥١].
والعُرْضُ خصّ بالجانب، وأَعْرَضَ الشيءُ: بدا عُرْضُهُ، وعَرَضْتُ العودَ على الإناء، واعْتَرَضَ الشيءُ في حلقه: وقف فيه بِالْعَرْضِ، واعْتَرَضَ الفرسُ في مشيه، وفيه عُرْضِيَّةٌ. أي: اعْتِرَاضٌ في مشيه من الصّعوبة، وعَرَضْتُ الشيءَ على البيع، وعلى فلان، ولفلان نحو: ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ
[البقرة/ ٣١]، عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا
[الكهف/ ٤٨]، إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ
[الأحزاب/ ٧٢]، وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً
[الكهف/ ١٠٠]، وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ
[الأحقاف/ ٢٠]. وعَرَضْتُ الجندَ، والعَارِضُ:
البادي عَرْضُهُ، فتارةً يُخَصُّ بالسّحاب نحو:
هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا
[الأحقاف/ ٢٤]، وبما يَعْرِضُ من السَّقَمِ، فيقال: به عَارِضٌ من سُقْمٍ، وتارة بالخدِّ نحو: أَخَذَ من عَارِضَيْهِ، وتارة بالسِّنِّ، ومنه قيل: العَوَارِضُ للثّنايا التي تظهر عند الضّحك، وقيل: فلانٌ شديدُ العَارِضَةِ «٢» كناية عن جودة البيان، وبعيرٌ عَرُوضٌ: يأكل الشّوك بِعَارِضَيْهِ، والعُرْضَةُ: ما يُجْعَلُ مُعَرَّضاً للشيء. قال تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ
[البقرة/ ٢٢٤]، وبعيرٌ عُرْضَةٌ للسّفر. أي: يجعل مُعَرَّضاً له، وأَعْرَضَ: أظهر عَرْضَهُ. أي: ناحيته. فإذا قيل: أَعْرَضَ لي كذا.
أي: بَدَا عَرْضُهُ فأمكن تناولُهُ، وإذا قيل: أَعْرَضَ عنّي، فمعناه: ولّى مُبديا عَرْضَهُ. قال: ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها [السجدة/ ٢٢]، فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ
[النساء/ ٦٣]، وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ
[الأعراف/ ١٩٩]، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي [طه/ ١٢٤]، وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ
[الأنبياء/ ٣٢]، وربما حذف عنه استغناء عنه نحو: إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ [النور/ ٤٨]، ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ

(١) الحديث عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم؟ قال: «آية الكرسي»، ثم قال: «يا أبا ذر ما السموات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة». أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص ٥١١، وابن أبي شيبة في كتاب العرش ص ٧٧. وهو ضعيف.
(٢) انظر: البصائر ٤/ ٤٤. ومنه سمّى ابن العربي شرحه للترمذي: عارضة الأحوذي.


الصفحة التالية
Icon