كتاب الفاء
فتح
الفَتْحُ: إزالة الإغلاق والإشكال، وذلك ضربان:
أحدهما: يدرك بالبصر كفتح الباب ونحوه، وكفتح القفل والغلق والمتاع، نحو قوله:
وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ
[يوسف/ ٦٥]، وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ
[الحجر/ ١٤].
والثاني: يدرك بالبصيرة كفتح الهمّ، وهو إزالة الغمّ، وذلك ضروب: أحدها: في الأمور الدّنيويّة كغمّ يفرج، وفقر يزال بإعطاء المال ونحوه، نحو: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ
[الأنعام/ ٤٤]، أي:
وسعنا، وقال: لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [الأعراف/ ٩٦]، أي: أقبل عليهم الخيرات. والثاني: فتح المستغلق من العلوم، نحو قولك: فلان فَتَحَ من العلم بابا مغلقا، وقوله: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً
[الفتح/ ١]، قيل: عنى فتح مكّة «١»، وقيل: بل عنى ما فتح على النّبيّ من العلوم والهدايات التي هي ذريعة إلى الثّواب، والمقامات المحمودة التي صارت سببا لغفران ذنوبه «٢». وفَاتِحَةُ كلّ شيء:
مبدؤه الذي يفتح به ما بعده، وبه سمّي فاتحة الكتاب، وقيل: افْتَتَحَ فلان كذا: إذا ابتدأ به، وفَتَحَ عليه كذا: إذا أعلمه ووقّفه عليه، قال:
أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [البقرة/ ٧٦]، ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ [فاطر/ ٢]، وفَتَحَ الْقَضِيَّةَ فِتَاحاً: فصل الأمر فيها، وأزال الإغلاق عنها. قال تعالى: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ
[الأعراف/ ٨٩]، ومنه الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ
[سبأ/ ٢٦]، قال الشاعر:

(١) وهذا قول عائشة. انظر: الدر المنثور ٧/ ٥١٠.
(٢) انظر: روح المعاني ٢٦/ ١٢٩.


الصفحة التالية
Icon