لَوْ مَحْذُوفٌ وَمَجَازُهُ يَدْعُوهُمْ فَيَتَّبِعُونَهُ، يَعْنِي يَتَّبِعُونَ الشَّيْطَانَ وَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ.
[٢٢] قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [لقمان: ٢٢] يَعْنِي لِلَّهِ أَيْ يُخْلِصْ دِينَهُ لِلَّهِ وَيُفَوِّضْ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ، ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ [لقمان: ٢٢] فِي عَمَلِهِ، ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ [لقمان: ٢٢] أَيْ اعْتَصَمَ بِالْعَهْدِ الْأَوْثَقِ الَّذِي لَا يَخَافُ انْقِطَاعَهُ، ﴿وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: ٢٢]
[٢٣] ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [لقمان: ٢٣]
[٢٤] ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا﴾ [لقمان: ٢٤] أَيْ نُمْهِلُهُمْ لِيَتَمَتَّعُوا بِنَعِيمِ الدُّنْيَا قَلِيلًا إِلَى انْقِضَاءِ آجَالِهِمْ، ﴿ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ﴾ [لقمان: ٢٤] ثُمَّ نُلْجِئُهُمْ وَنَرُدُّهُمْ فِي الْآخِرَةِ، ﴿إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ [لقمان: ٢٤] وَهُوَ عَذَابُ النَّارِ.
[٢٥] ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [لقمان: ٢٥]
[٢٦] ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [لقمان: ٢٦]
[٢٧] قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ﴾ [لقمان: ٢٧] قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا: إِنَّ الْقُرْآنَ وَمَا يَأْتِي بِهِ مُحَمَّدٌ يُوشِكُ أَنْ يَنْفَدَ فَيَنْقَطِعَ فَنَزَلَتْ. ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ﴾ [لقمان: ٢٧] أَيْ بُرِيَتْ أَقْلَامًا، ﴿وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ﴾ [لقمان: ٢٧] قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ: (وَالْبَحْرَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى (مَا)، وَالْبَاقُونَ بالرفع على الاستئناف ﴿يَمُدُّهُ﴾ [لقمان: ٢٧] أَيْ يَزِيدُهُ، وَيَنْصَبُّ فِيهِ ﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾ [لقمان: ٢٧] من خَلْفِهِ، ﴿سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ [لقمان: ٢٧] وَفِي الْآيَةِ اخْتِصَارٌ تَقْدِيرُهُ: وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شجرة أقلام والبحر يمده مع بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ يُكْتَبُ بِهَا كَلَامُ اللَّهِ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ. ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [لقمان: ٢٧]
[٢٨] ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان: ٢٨] أي: كَخَلْقِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَبَعْثِهَا لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [لقمان: ٢٨]
[قوله تَعَالَى أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ] وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى...
[٢٩] ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: ٢٩]
[٣٠] ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾ [لقمان: ٣٠] أَيْ ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرْتُ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ، ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [لقمان: ٣٠]
[٣١] ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ﴾ [لقمان: ٣١] أَنَّ ذَلِكَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عليكم، ﴿لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ﴾ [لقمان: ٣١] عَجَائِبِهِ، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ﴾ [لقمان: ٣١] على أمر الله ﴿شَكُورٍ﴾ [لقمان: ٣١] لِنِعَمِهِ.
[٣٢] ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ﴾ [لقمان: ٣٢] قَالَ مُقَاتِلٌ: كَالْجِبَالِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كالسحاب. والظل جَمْعُ الظُّلَّةِ شَبَّهَ بِهَا الْمَوْجَ فِي كَثْرَتِهَا وَارْتِفَاعِهَا وَجَعَلَ الْمَوْجَ وهو واحد كالظل وَهِيَ جَمْعٌ، لِأَنَّ الْمَوْجَ يَأْتِي مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ، ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾ [لقمان: ٣٢]


الصفحة التالية
Icon