[١٨٠] فَقَالَ: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ﴾ [الصافات: ١٨٠] الغلبة والقوة، ﴿عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الصافات: ١٨٠] مِنِ اتِّخَاذِ الصَّاحِبَةِ وَالْأَوْلَادِ.
[١٨١] ﴿وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ١٨١] الَّذِينَ بَلَّغُوا عَنِ اللَّهِ التَّوْحِيدَ وَالشَّرَائِعَ.
[١٨٢] ﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ١٨٢] عَلَى هَلَاكِ الْأَعْدَاءِ وَنُصْرَةِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام.
[سورة ص]
[قوله تعالى ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا] فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ...
(٣٨) سورة ص [١] ﴿ص﴾ [ص: ١] قِيلَ: هُوَ قَسَمٌ، وَقِيلَ: هو اسم للسورة كَمَا ذَكَرْنَا فِي سَائِرِ حُرُوفِ التَّهَجِّي فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: ص مِفْتَاحُ اسْمِ الصَّمَدِ وَصَادِقِ الْوَعْدِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَعْنَاهُ صَدَقَ اللَّهُ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: صَدَقَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ [ص: ١] أي ذي البيان، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: ذِي الشَّرَفِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزُّخْرُفِ: ٤٤] وَهُوَ قَسَمٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَابِ الْقِسْمِ، قِيلَ جَوَابُهُ قَدْ تَقَدَّمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﴿ص﴾ [ص: ١] أقسم الله بِالْقُرْآنِ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ صَدَقَ. وقال الفراء: ص معناه وجب وحق فهي جواب قوله: ﴿وَالْقُرْآنِ﴾ [ص: ١] كَمَا تَقُولُ: نَزَلَ وَاللَّهِ، وَقِيلَ. جَوَابُ الْقِسْمِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ مَا الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ الْكُفَّارُ، وَدَلَّ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ.
[٢] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [ص: ٢] قَالَ قَتَادَةُ: مَوْضِعُ الْقَسَمِ قَوْلُهُ: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [ص: ٢] كَمَا قَالَ ﴿وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ - بَلْ عَجِبُوا﴾ [ق: ١ - ٢] وَقِيلَ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهُ: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴿فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾ [ص: ٢] وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: جَوَابُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ [ص: ١٤] كَقَوْلِهِ: ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا﴾ [الشُّعَرَاءِ: ٩٧] وَقَوْلِهِ: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾ [الطارق: ١]- ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ﴾ [الطَّارِقِ: ٤] وَقِيلَ: جَوَابُهُ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا﴾ [ص: ٥٤] وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ [ص: ٦٤] وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ تَخَلَّلَ بين هذا القسم وهذا الْجَوَابِ أَقَاصِيصُ وَأَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: (بَلْ) لِتَدَارُكِ كَلَامٍ وَنَفْيِ آخَرَ، وَمَجَازُ الْآيَةِ: إِنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فِي عِزَّةِ حَمِيَّةٍ وجاهلية وتكبر عن الحق وشقاق خلاف وَعَدَاوَةٍ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ مُجَاهِدُ: ﴿فِي عِزَّةٍ﴾ [ص: ٢] معازِّين (١).
[٣] ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ﴾ [ص: ٣] يَعْنِي مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، ﴿فَنَادَوْا﴾ [ص: ٣] استغاثوا عند نزول العذاب وهول النقمة، ﴿وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾ [ص: ٣] أي ليس حين نزول العذاب بهم حين فِرَارَ، وَالْمَنَاصُ مَصْدَرُ نَاصَ يَنُوصُ، هو الفرار وَالتَّأَخُّرُ، يُقَالُ: نَاصَ يَنُوصُ إِذَا تَأَخَّرَ وَبَاصَ يَبُوصُ إِذَا تَقَدَّمَ، وَلَاتَ بِمَعْنَى لَيْسَ بِلُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: هِيَ لَا، زِيدَتْ فِيهَا التَّاءُ، كَقَوْلِهِمْ: رُبَّ وَرُبَّتْ وَثَمَّ وَثَمَّتْ، وَأَصْلُهَا هَاءٌ وُصِلَتْ بِلَا، فَقَالُوا: لَاهٍ، كَمَا قَالُوا ثَمَّةَ فَجَعَلُوهَا فِي الْوَصْلِ تاء والوقف عليه بِالتَّاءِ عِنْدَ الزَّجَّاجِ، وَعِنْدَ الْكِسَائِيِّ بالهاء لاه، وذهب إِلَى أَنَّ التَّاءَ زِيدَتْ فِي حِينَ وَالْوَقْفُ عَلَى وَلَا، ثُمَّ يبتدئ: تحين، وهو اختيار أبي عبيد، وَقَالَ: كَذَلِكَ وُجِدَتْ فِي مُصْحَفِ عثمان.
[٤] ﴿وَعَجِبُوا﴾ [ص: ٤] يَعْنِي الْكُفَّارَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَوْلِهِ. ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [ص: ٢] ﴿أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ﴾ [ص: ٤] يَعْنِي رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يُنْذِرُهُمْ، ﴿وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾ [ص: ٤]
[٥] ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ [ص: ٥] كَيْفَ يَسَعُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ، ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [ص: ٥] أَيْ عَجِيبٌ، وَالْعَجَبُ وَالْعُجَابُ وَاحِدٌ، كَقَوْلِهِمْ رَجُلٌ كَرِيمٌ وَكُرَامٌ وَكَبِيرٌ وَكُبَارٌ وَطَوِيلٌ وَطُوَالٌ وَعَرِيضٌ وَعُرَاضٌ.
_________
(١) في نسخة أخرى: (متعازِّين).


الصفحة التالية
Icon