زَيْدٍ: فِي الْآفَاقِ يَعْنِي أَقْطَارَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَالنَّبَاتِ وَالْأَشْجَارِ وَالْأَنْهَارِ، وَفِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ لَطِيفِ الصَّنْعَةِ وَبَدِيعِ الْحِكْمَةِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ. ﴿أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: ٥٣] قَالَ مُقَاتِلٌ: أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ لِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ شَاهِدٌ لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ.
[٥٤] ﴿أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ﴾ [فصلت: ٥٤] فِي شَكٍّ مِنَ الْبَعْثِ، ﴿أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾ [فصلت: ٥٤] أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا.
[سُورَةُ الشورى]
[قوله تعالى حم عسق كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ] قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ...
(٤٢) سورة الشورى [١، ٢] ﴿حم - عسق﴾ [الشورى: ١ - ٢] سُئِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ لِمَ يُقَطِّع حم عسق وَلَمْ يُقطِّع كهيعص؟ فقال: لأنها سور أَوَائِلُهَا حم فَجَرَتْ مَجْرَى نَظَائِرِهَا فَكَانَ حم مُبْتَدَأً وَعسق خَبَرَهُ، وَلِأَنَّهُمَا عُدَّا آيَتَيْنِ، وَأَخَوَاتُهَا مِثْلُ كهيعص المص المر عُدَّتْ آيَةً وَاحِدَةً. وَقِيلَ: لِأَنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي كهيعص وَأَخَوَاتِهَا أَنَّهَا حُرُوفُ التَّهَجِّي لَا غَيْرَ، وَاخْتَلَفُوا فِي حم فَأَخْرَجَهَا بَعْضُهُمْ مِنْ حَيِّزِ الْحُرُوفِ وَجَعَلَهَا فِعْلًا، وَقَالَ: مَعْنَاهَا: حَمَّ أَيْ قَضَى مَا هُوَ كَائِنٌ، وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ قَالَ: ح حِلْمُهُ، م مَجْدُهُ، ع عِلْمُهُ، س سَنَاؤُهُ، ق قُدْرَتُهُ، أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا. وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: ح حَرْبٌ يَعِزُّ فِيهَا الذَّلِيلُ وَيَذِلُّ فِيهَا الْعَزِيزَ مِنْ قُرَيْشٍ، م مُلْكٌ يَتَحَوَّلُ مِنْ قَوْمٍ إِلَى قَوْمٍ، ع عَدُوٌّ لِقُرَيْشٍ يَقْصِدُهُمْ، س سَيِّئٌ يَكُونُ فِيهِمْ، ق قُدْرَةُ اللَّهِ النَّافِذَةُ فِي خَلْقِهِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ صَاحِبِ كِتَابٍ إِلَّا وَقَدْ أُوحِيَتْ إِلَيْهِ حم عسق.
[٣] فَلِذَلِكَ قَالَ: ﴿كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ﴾ [الشورى: ٣] وقرأ ابْنُ كَثِيرٍ (يُوحَى) بِفَتْحِ الْحَاءِ وحجته قوله: (أوحينا إِلَيْكَ)، ﴿وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [الشورى: ٣] وعلى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ قَوْلُهُ: ﴿اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الشورى: ٣] تَبْيِينٌ لِلْفَاعِلِ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنْ يُوحِي؟ فَقِيلَ: اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (يُوحِي) بِكَسْرِ الْحَاءِ، إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: يُرِيدُ أَخْبَارَ الْغَيْبِ.
[٤، ٥] ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ - تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ﴾ [الشورى: ٤ - ٥] أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تَتَفَطَّرُ فَوْقَ الَّتِي تَلِيهَا مِنْ قَوْلِ المشركين: ﴿اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾ [البقرة: ١١٦] نَظِيرُهُ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا - لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾ [مريم: ٨٨ - ٨٩] ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ﴾ [مَرْيَمَ: ٩٠] ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ [الشورى: ٥] مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ﴿أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الشورى: ٥]


الصفحة التالية
Icon