وَنُظَرَاءَكُمْ فِي الْكُفْرِ مِنَ الْأُمَمِ السالفة، ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: ٥١] مُتَّعِظٍ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ فَيَخَافُ وَيْعَتَبِرُ.
[٥٢] ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ﴾ [القمر: ٥٢] يَعْنِي فَعَلَهُ الْأَشْيَاعُ مِنْ خَيْرٍ وشر، ﴿فِي الزُّبُرِ﴾ [القمر: ٥٢] فِي كِتَابِ الْحَفَظَةِ، وَقِيلَ: فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.
[٥٣] ﴿وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ﴾ [القمر: ٥٣] مِنَ الْخَلْقِ وَأَعْمَالِهِمْ وَآجَالِهِمْ، ﴿مُسْتَطَرٌ﴾ [القمر: ٥٣] مَكْتُوبٌ، يُقَالُ: سَطَّرْتُ وَاسْتَطَرْتُ وَكَتَبْتُ وَاكْتَتَبْتُ.
[٥٤] ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ﴾ [القمر: ٥٤] بساتين، ﴿وَنَهَرٍ﴾ [القمر: ٥٤] أي أنهار، ووحده لأجل رؤوس الْآيِ، وَأَرَادَ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ مِنَ الْمَاءِ وَالْخَمْرِ وَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي فِي ضِيَاءٍ وَسَعَةٍ، وَمِنْهُ النَّهَارُ.
وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ: (وَنُهُرٍ) بضمتين جمع النهار يعني لا دليل لهم.
[٥٥] ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ [القمر: ٥٥] فِي مَجْلِسِ حَقٍّ لَا لَغْوَ فِيهِ وَلَا تَأْثِيمَ، ﴿عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ [القمر: ٥٥] مَلِكٍ قَادِرٍ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ.
[سورة الرحمن]
[قوله تعالى الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ] الْبَيَانَ...
(٥٥) سورة الرحمن [١] ﴿الرَّحْمَنُ﴾ [الرحمن: ١] نَزَلَتْ حِينَ قَالُوا: وَمَا الرَّحْمَنُ؟ وَقِيلَ.
هُوَ جَوَابٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ حِينَ قَالُوا: إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ.
[٢] ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ [الرحمن: ٢] قَالَ الْكَلْبِيُّ عَلَّمَ الْقُرْآنَ مُحَمَّدًا.
وَقِيلَ: عَلَّمَ الْقُرْآنَ يَسَّرَهُ لِلذِّكْرِ.
[٣] ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ﴾ [الرحمن: ٣] يعني آدم عليه السلام.
[٤] ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ [الرحمن: ٤] أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: عَلَّمَهُ اللُّغَاتِ كُلَّهَا، وَكَانَ آدَمُ يَتَكَلَّمُ بسبعمائة لُغَةٍ أَفْضَلُهَا الْعَرَبِيَّةُ.
وَقَالَ الْآخَرُونَ: الْإِنْسَانُ اسْمُ جِنْسٍ، وَأَرَادَ بِهِ جَمِيعَ النَّاسِ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ: النُّطْقَ وَالْكِتَابَةَ وَالْفَهْمَ وَالْإِفْهَامَ حَتَّى عَرَفَ مَا يَقُولُ وَمَا يُقَالُ لَهُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: عَلَّمَ كُلَّ قَوْمٍ لِسَانَهُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُونَ بِهِ.
وَقَالَ ابن كيسان: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ﴾ [الرحمن: ٣] يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ [الرحمن: ٤] يَعْنِي بَيَانَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُبِينُ عَنِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ وَعَنْ يَوْمِ الدِّينِ.
[٥] ﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾ [الرحمن: ٥] قال مجاهد: كحسبان الرحى يدوران في مثل قطب الرحا، قال غيره: معناه أَيْ يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ لَا يعدونها، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وقَتَادَةُ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَابْنُ كَيْسَانَ: يَعْنِي بهما تحسب الأوقات والآجال، وقال الضحاك: يجريان بقدر.
[٦] ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾ [الرحمن: ٦] النَّجْمُ مَا لَيْسَ لَهُ سَاقٌ مِنَ النَّبَاتِ، وَالشَّجَرُ مَا لَهُ سَاقٌ يَبْقَى فِي الشِّتَاءِ، وَسُجُودُهُمَا سجود ظلهما كما قال: ﴿يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ﴾ [النحل: ٤٨] وقال مُجَاهِدٌ: النَّجْمُ هُوَ الْكَوْكَبُ وَسُجُودُهُ طلوعه.
[٧] ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا﴾ [الرحمن: ٧] فوق الأرض،


الصفحة التالية
Icon