بِالتَّشْدِيدِ أَيْ قَوَّمَكَ وَجَعَلَكَ مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ وَالْأَعْضَاءِ.
[٨] ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [الانفطار: ٨] قال مجاهد: فِي أَيِّ شَبَهٍ مِنْ أَبٍ أو أم أو عم، وذكر الفراء قولا آخر، إما طويلا أو قصيرا أو حسنا أو غير ذلك.
[٩] ﴿كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾ [الانفطار: ٩] بِالْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ.
[١٠] ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ﴾ [الانفطار: ١٠] رُقَبَاءَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَحْفَظُونَ عَلَيْكُمْ أعمالكم.
[١١] ﴿كِرَامًا﴾ [الانفطار: ١١] على الله، ﴿كَاتِبِينَ﴾ [الانفطار: ١١] يَكْتُبُونَ أَقْوَالَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ.
[١٢] ﴿يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: ١٢] مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ.
[١٣] قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾ [الانفطار: ١٣] الْأَبْرَارُ الَّذِينَ بَرُّوا وَصَدَقُوا فِي إِيمَانِهِمْ بِأَدَاءِ فَرَائِضِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ. ١٤،
[١٥] ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ - يَصْلَوْنَهَا﴾ [الانفطار: ١٤ - ١٥] يخلونها، ﴿يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الانفطار: ١٥] يوم القيامة.
[١٦] ﴿وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ﴾ [الانفطار: ١٦]
[١٧] ثُمَّ عَظَّمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَقَالَ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار: ١٧] كرر تفخيما لِشَأْنِهِ. ١٨،
[١٩] فَقَالَ: ﴿ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ - يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ [الانفطار: ١٨ - ١٩] قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي لِنَفْسٍ كَافِرَةٍ شَيْئًا مِنَ الْمَنْفَعَةِ، ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار: ١٩] أي يوم لا يُمَلِّكِ اللَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَحَدًا شَيْئًا كَمَا مَلَّكَهُمْ فِي الدنيا.
[سورة المطففين]
[قوله تعالى وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى] النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ...
(٨٣) سورة المطففين [١] ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: ١] يَعْنِي الَّذِينَ يَنْقُصُونَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ويبخسون حقوق الناس.
[٢] ثم بين الْمُطَفِّفِينَ مَنْ هُمْ فَقَالَ ﴿الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ﴾ [المطففين: ٢] وَأَرَادَ إِذَا اكْتَالُوا مِنَ النَّاسِ أَيْ أَخَذُوا مِنْهُمُ، وَ (مِنْ)، و (على) يتعاقبان.
[٣] ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾ [المطففين: ٣] أَيْ كَالُوا لَهُمْ أَوْ وَزَنُوا لهم أي للناس، وقوله: (يُخْسِرُونَ) أي ينقصون.
[٤، ٥] ﴿أَلَا يَظُنُّ﴾ [المطففين: ٤] يستيقن، ﴿أُولَئِكَ﴾ [المطففين: ٤] الَّذِينَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ﴿أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ - لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [المطففين: ٤ - ٥] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
[٦] ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ﴾ [المطففين: ٦] من قبورهم، ﴿لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] أي لأمره ولجزائه ولحسابه.
[٧] قوله - عز وجل -: ﴿كَلَّا﴾ [المطففين: ٧] رَدْعٌ أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ فَلْيَرْتَدِعُوا، وَتَمَامُ الْكَلَامِ هَاهُنَا، وَقَالَ الْحَسَنُ: كَلَّا ابْتِدَاءٌ يَتَّصِلُ بِمَا بَعْدَهُ عَلَى مَعْنَى حَقًّا، ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ﴾ [المطففين: ٧] الَّذِي كُتِبَتْ فِيهِ أَعْمَالُهُمْ، ﴿لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو: (سِجِّينٌ) هِيَ الْأَرْضُ السَّابِعَةُ السُّفْلَى فيها أرواح الكفار. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: هِيَ الْأَرْضُ السُّفْلَى، وَفِيهَا إِبْلِيسُ وَذُرِّيَّتُهُ، وَقَالَ وَهْبٌ: هِيَ آخِرُ سُلْطَانِ إِبْلِيسَ، وقال عكرمة: ﴿لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] أَيْ لَفِي خَسَارٍ وَضَلَالٍ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ. هُوَ فِعِّيلٌ مِنَ السِّجْنِ، كَمَا يُقَالُ: فِسِّيقٌ وَشِرِّيبٌ، مَعْنَاهُ لَفِي حَبْسٍ وَضِيقٍ شَدِيدٍ.
[٨] ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ﴾ [المطففين: ٨] قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا كُنْتَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ وَلَا قومك.
[٩] ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٩] لَيْسَ هَذَا تَفْسِيرُ السَّجِينِ بَلْ هُوَ بَيَانُ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ فِي قوله: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ﴾ [المطففين: ٧] أي هو كتاب الفجار مَرْقُومٌ، أَيْ مَكْتُوبٌ فِيهِ أَعْمَالُهُمْ مُثْبَتَةٌ عَلَيْهِمْ كَالرَّقْمِ فِي الثَّوْبِ، لَا يُنْسَى وَلَا يُمْحَى حَتَّى يجازوا به.
[١٠ - ١٣] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ - الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المطففين: ١٠ - ١١] ﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ - إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [المطففين: ١٢ - ١٣]
[١٤] ﴿كَلَّا﴾ [المطففين: ١٤] قَالَ مُقَاتِلٌ: أَيْ لَا يُؤْمِنُونَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ: ﴿بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤]