وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا العنكبوت وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها سبع وَسَبْعُونَ آيَة وكلماتها سَبْعمِائة وَثَمَانُونَ كلمة وحروفها أَرْبَعَة آلَاف وَمِائَة وَخَمْسَة وَأَرْبَعُونَ
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿الم﴾ يَقُول أَنا الله أعلم وَيُقَال قسم أقسم بِهِ بقوله وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذين مِن قبلهم
﴿أَحسب النَّاس﴾ أيظن أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿أَن يتْركُوا﴾ يمهلوا بعد مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿أَن يَقُولُوا﴾ بِأَن يَقُولُوا آمنا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ﴾ لَا يبتلون بالهوى والبدعة وانتهاك الْمَحَارِم
﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ ابتلينا الَّذين من قبل أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد النَّبِيين بالهوى والبدعة وانتهاك الْمَحَارِم ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ الله﴾ لكَي يرى الله ويميز ﴿الَّذين صَدَقُواْ﴾ فِي إِيمَانهم باجتناب الْهوى والبدعة وَترك الْمَحَارِم ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبين﴾ يَعْنِي المكذبين فِي إِيمَانهم بالهوى والبدعة وانتهاك الْمَحَارِم
ثمَّ نزل فِي أبي جهل بن هِشَام والوليد بن الْمُغيرَة وَعتبَة وَشَيْبَة ابْني ربيعَة الَّذين بارزوا على بن أَبى طَالب رضى الله عَنهُ وَحَمْزَة بن عبد الْمطلب عَم النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعبيدَة بن عبد الْمطلب يَوْم بدر وتفاخر بَعضهم على بعض فَقَالَ ﴿أَمْ حَسِبَ﴾ أيظن ﴿الَّذين يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات﴾ فِي الشّرك بِاللَّه ﴿أَن يَسْبِقُونَا﴾ أَن يفوتوا من عذابنا ﴿سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ بئس مَا يقضون ويظنون لأَنْفُسِهِمْ ذَلِك
﴿مَن كَانَ يَرْجُو﴾ يخَاف ﴿لِقَآءَ الله﴾ الْبَعْث بعد الْمَوْت ﴿فَإِنَّ أَجَلَ الله﴾ الْبَعْث بعد الْمَوْت ﴿لآتٍ﴾ لكائن ﴿وَهُوَ السَّمِيع﴾ لمقالة كلا الْفَرِيقَيْنِ يَوْم بدر ﴿الْعَلِيم﴾ بِمَا يصيبهم
ثمَّ نزل فِي عَليّ وصاحبيه بِمَا افْتَخرُوا فَقَالَ ﴿وَمَن جَاهَدَ﴾ فِي سَبِيل الله يَوْم بدر ﴿فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ﴾ فَلهُ بذلك الثَّوَاب ﴿إِنَّ الله لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالمين﴾ عَن جِهَاد الْعَالمين
﴿وَالَّذين آمَنُواْ﴾ عَليّ وصاحباه ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ لنمحصن عَنْهُم ذنوبهم دون الْكَبَائِر ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ فِي جهادهم
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَان﴾ أمرنَا الْإِنْسَان سعد بن أبي وَقاص ﴿بِوَالِدَيْهِ﴾ بِمَالك وَحمْنَة بنت أبي سُفْيَان ﴿حُسْناً﴾ برا بهما ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ﴾ أمراك وأراداك ﴿لِتُشْرِكَ﴾ لتعدل ﴿بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أَنه شَرِيكي وَلَك علم أَنه لَيْسَ لي شريك ﴿فَلاَ تُطِعْهُمَآ﴾ فِي الشّرك وَكَانَ أَبَوَاهُ مُشْرِكين ﴿إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ مرجعك ومرجع أَبَوَيْك ﴿فَأُنَبِّئُكُم﴾ فأخبركم ﴿بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر فِي الْكفْر وَالْإِيمَان
﴿وَالَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم فِي كل زمَان ﴿لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحين﴾ مَعَ الصَّالِحين وَفِي الْجنَّة أبي بكر الصّديق وَعمر الْفَارُوق وَعُثْمَان ذِي النورين وَعلي الْأمين رضى الله عَنْهُم
﴿وَمِنَ النَّاس﴾ وَهُوَ عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي ﴿مَن يِقُولُ آمَنَّا بِاللَّه﴾ صدقنا بتوحيد الله ﴿فَإِذَآ أُوذِيَ فِي الله﴾ عذب فِي دين الله ﴿جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاس﴾ عَذَاب النَّاس بالسياط ﴿كَعَذَابِ الله﴾ فِي النَّار دَائِما حَتَّى كفر وَرجع عَن دينه ﴿وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ﴾ فتح مَكَّة ﴿لَيَقُولُنَّ﴾ عَيَّاش وَأَصْحَابه ﴿إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ﴾ على دينكُمْ ﴿أَوَ لَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالمين﴾ قُلُوب الْعَالمين من الْخَيْر وَالشَّر ثمَّ أسلم عَيَّاش وَأَصْحَابه بعد ذَلِك وَحسن إسْلَامهمْ


الصفحة التالية
Icon