﴿انْفَضُّوا﴾ تفَرقُوا وَخَرجُوا من الْمَسْجِد ﴿إِلَيْهَا﴾ غير ثَمَانِيَة رَهْط وَيُقَال غير اثْنَي عشر رجلا وَامْرَأَتَيْنِ لم يخرجُوا إِلَيْهَا ﴿وَتَرَكُوكَ قَآئِماً﴾ على الْمِنْبَر تخْطب ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لَهُم ﴿مَا عِندَ الله﴾ من الثَّوَاب ﴿خَيْرٌ﴾ لكم ﴿مِّنَ اللَّهْو﴾ من صَوت الطبل ﴿وَمِنَ التِّجَارَة﴾ تِجَارَة دحْيَة الْكَلْبِيّ يَقُول لَو ثبتمْ مَعَ نَبِيكُم حَتَّى صليتم الصَّلَاة ودعوتم ثمَّ خَرجْتُمْ لَكَانَ خيرا لكم بالثواب والكرامة عِنْد الله من الْخُرُوج ﴿وَالله خَيْرُ الرازقين﴾ أفضل المعطين أَي قل هَذِه الْمقَالة إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا المُنَافِقُونَ وهى كلهَا مَدَنِيَّة غير قَوْله ﴿لَئِن رَجعْنَا﴾ إِلَى آخر الْآيَة فانها نزلت عَلَيْهِ فى طرق بني المصطلق آياتها إِحْدَى عشرَة وكلماتها مائَة وَثَمَانُونَ وحروفها سَبْعمِائة وَسِتَّة وَسَبْعُونَ حرفا
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِذَا جَآءَكَ المُنَافِقُونَ﴾ يَقُول إِذا جَاءَك مُنَافِقُو أهل الْمَدِينَة عبد الله بن أبي ومعتب بن قُشَيْر وجد بن قيس وَكَانُوا بني عَم ﴿قَالُواْ نَشْهَدُ﴾ نحلف بِاللَّه ﴿إِنَّكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لَرَسُولُ الله﴾ نعلم ذَلِك وضميرنا على ذَلِك ﴿وَالله يَعْلَمُ﴾ يشْهد ﴿إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ من غير شَهَادَة الْمُنَافِقين ﴿وَالله يَشْهَدُ﴾ يعلم ﴿إِنَّ الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ﴾ فِي حلفهم لَا يعلمُونَ ذَلِك وَضمير قُلُوبهم على غير ذَلِك
﴿اتَّخذُوا أَيْمَانَهُمْ﴾ حلفهم بِاللَّه ﴿جُنَّةً﴾ من الْقَتْل ﴿فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله﴾ فصرفوا النَّاس عَن دين الله وطاعته فِي السِّرّ ﴿إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ بئس مَا كَانُوا يصنعون فِي كفرهم ونفاقهم من الْمَكْر والخيانة وَصد النَّاس
﴿ذَلِك﴾ الَّذِي ذكرت من أَمر الْمُنَافِقين ﴿بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ﴾ بالعلانية ﴿ثُمَّ كَفَرُوا﴾ وثبتوا على الْكفْر فِي السِّرّ ﴿فَطُبِعَ﴾ فختم ﴿على قُلُوبِهِمْ﴾ عُقُوبَة لكفرهم ونفاقهم ﴿فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ﴾ الْحق وَالْهدى
﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ﴾ يَا مُحَمَّد عبد الله بن أبي وصاحبيه ﴿تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ﴾ صور أجسامهم وَحسن منظرهم ﴿وَإِن يَقُولُواْ﴾ إِنَّا لنعلم أَنَّك لرَسُول الله ﴿تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾ تصدق قَوْلهم وتظن أَنهم صَادِقُونَ وَلَيْسوا بصادقين ﴿كَأَنَّهُمْ﴾ يَعْنِي كَأَن أجسامهم ﴿خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ﴾ إِلَى الْحَائِط يَقُول لَيْسَ فِي قُلُوبهم نور وَلَا خير كَمَا أَن الْخشب الْيَابِس لَيْسَ فِيهِ روح وَلَا رُطُوبَة ﴿يَحْسَبُونَ كل صَيْحَة﴾ كل صَوت فى الْمَدِينَة ﴿عَلَيْهِمْ﴾ من الْجُبْن ﴿هُمُ الْعَدو فَاحْذَرْهُمْ﴾ وَلَا تَأْمَنهُمْ ﴿قَاتَلَهُمُ الله﴾ لعنهم الله ﴿أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ كَيفَ يكذبُون وَيُقَال كَيفَ يصرفون بِالْكَذِبِ
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ قَالَ لَهُم عَشَائِرهمْ بعد مَا افتضحوا ﴿تَعَالَوْاْ﴾ إِلَى رَسُول الله وتوبوا من الْكفْر والنفاق ﴿يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ الله لووا رؤوسهم﴾ عكفوا وعطفوا وغطوا رؤوسهم ﴿وَرَأَيْتَهُمْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿يَصُدُّونَ﴾ يصرفون عَن الاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة والإتيان إِلَيْك ﴿وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ﴾ متعظمون عَن التَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار
﴿سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ﴾ على الْمُنَافِقين ﴿أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ لَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ على مَا أَقَامُوا على ذَلِك ﴿إِنَّ الله لاَ يَهْدِي﴾ لَا يغْفر ﴿الْقَوْم الْفَاسِقين﴾ الْمُنَافِقين من كَانَ فِي علم الله أَنه يَمُوت على النِّفَاق
﴿هُمُ الَّذين يَقُولُونَ﴾ قَالَ هَذَا عبد الله بن أبي خَاصَّة لأَصْحَابه فِي غَزْوَة تَبُوك ﴿لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ الله﴾ من ذَوي الْحَاجة والفقر ﴿حَتَّى يَنفَضُّواْ﴾ يتفرقوا من عِنْده ويلحقوا بعشائرهم


الصفحة التالية
Icon