وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْبَيِّنَة وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها تسع وكلماتها خمس وَثَلَاثُونَ وحروفها مائَة وَتِسْعَة وَأَرْبَعُونَ
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب﴾ يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى ﴿وَالْمُشْرِكين﴾ مُشْركي الْعَرَب ﴿مُنفَكِّينَ﴾ مقيمين على الْجُحُود بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَالْإِسْلَام ﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَة﴾ بَيَان مَا فِي كِتَابهمْ فِي كتاب الْيَهُود وَالنَّصَارَى
﴿رَسُول من الله﴾ يعْنى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلها وَجه آخر يَقُول لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب قبل مَجِيء مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه وَالْمُشْرِكين بِاللَّه قبل مجىء مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل أبي بكر وَأَصْحَابه منفكين منتهين عَن الْكفْر والشرك حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة يَعْنِي جَاءَهُم الْبَينَات رَسُول من الله يعْنى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿يَتْلُو صُحُفاً﴾ يقْرَأ عَلَيْهِم كتبا ﴿مُّطَهَّرَةً﴾ من الشّرك
﴿فِيهَا﴾ فى كتب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ دين وَطَرِيق مُسْتَقِيمَة عادلة لَا عوج فِيهَا
﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذين أُوتُواْ الْكتاب﴾ مَا اخْتلف الَّذين أعْطوا الْكتاب التَّوْرَاة يَعْنِي كَعْب بن الْأَشْرَف وَأَصْحَابه فى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَالْإِسْلَام ﴿إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَة﴾ بَيَان مَا فِي كتبهمْ من صفة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونعته
﴿ومآ أمروا﴾ فِي جملَة الْكتب ﴿إِلَّا ليعبدوا الله﴾ ليوحدوا الله ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدّين﴾ بِالتَّوْحِيدِ ﴿حُنَفَآءَ﴾ مُسلمين ﴿وَيُقِيمُواْ الصَّلَاة﴾ يتموا الصَّلَوَات الْخمس بعد التَّوْحِيد ﴿وَيُؤْتُواْ الزَّكَاة﴾ يُعْطوا زَكَاة أَمْوَالهم بعد ذَلِك ثمَّ ذكر التَّوْحِيد أَيْضا فَقَالَ ﴿وَذَلِكَ﴾ يَعْنِي التَّوْحِيد ﴿دِينُ الْقيمَة﴾ دين الْحق الْمُسْتَقيم لَا عوج فِيهِ وَالْهَاء هَهُنَا قافية السُّورَة وَيُقَال ذَلِك يَعْنِي التَّوْحِيد دين الْقيمَة دين الْمَلَائِكَة وَيُقَال دين الحنيفية وَيُقَال مِلَّة إِبْرَاهِيم
﴿إِنَّ الَّذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكتاب﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَالْمُشْرِكين﴾ بِاللَّه يَعْنِي مُشْركي أهل مَكَّة ﴿فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ﴾ مقيمين فِي النَّار لَا يموتون وَلَا يخرجُون مِنْهَا ﴿أُولَئِكَ﴾ أهل هَذِه الصّفة ﴿هُمْ شَرُّ الْبَريَّة﴾ شَرّ الخليقة
﴿إِن الَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن مثل عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه وَأبي بكر وَأَصْحَابه ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿أُولَئِكَ﴾ أهل هَذِه الصّفة ﴿هُمْ خَيْرُ الْبَريَّة﴾ خير الخليقة
﴿جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ ثوابهم عِنْد رَبهم ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ مَقْصُورَة الرَّحْمَن مَعْدن النَّبِيين والمقربين ﴿تَجْرِى من تحتهَا﴾ من تَحت شَجَرهَا ومساكنها وغرفها ﴿الْأَنْهَار﴾ أَنهَار الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ مقيمين فِي الْجنَّة لَا يموتون وَلَا يخرجُون مِنْهَا ﴿أبدا رَضِي الله عَنْهُم﴾ بإيمَانهمْ وبأعمالهم ﴿وَرَضُواْ عَنْهُ﴾ بالثواب والكرامة ﴿ذَلِك﴾ الْجنان والرضوان ﴿لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾ لمن وحد ربه مثل أبي بكر الصّديق وَأَصْحَابه وَعبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الزلزلة وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها تسع وكلماتها خمس وَثَلَاثُونَ كلمة وحروفها مائَة حرف
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْض زِلْزَالَهَا﴾ يَقُول تزلزلت الأَرْض زَلْزَلَة واضطربت الأَرْض اضطرابة فانكسر مَا عَلَيْهَا من الشّجر وَالْجِبَال والبنيان
﴿وَأَخْرَجَتِ الأَرْض أَثْقَالَهَا﴾ أموالها وكنوزها
﴿وَقَالَ الْإِنْسَان﴾ يَعْنِي الْكَافِر ﴿مَا لَهَا﴾ تَعَجبا مِنْهَا مِمَّا يرى من الهول
﴿يَوْمَئِذٍ﴾ يَوْم تزلزلت الأَرْض ﴿تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ تخبر الأَرْض بِمَا عمل عَلَيْهَا من الْخَيْر وَالشَّر
﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا﴾ أذن لَهَا فِي الْكَلَام


الصفحة التالية
Icon