[سُورَةُ الْأَنْعَامِ فِيهَا ثَمَانِ عَشْرَةَ آيَةً] [الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا هُوَ]
الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩].
فِيهَا سَبْعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَعِنْدَهُ﴾ [الأنعام: ٥٩] اعْلَمُوا أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْآيَةَ فِي مُلْجِئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ إلَى مَعْرِفَةِ غَوَامِضِ النَّحْوِيِّينَ " بِمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ هَاهُنَا أَنَّ " عِنْدَهُ " كَلِمَةً يُعَبَّرُ بِهَا عَمَّا قَرُبَ مِنْك وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ دُنُوَّ الشَّيْءِ مِنْ الشَّيْءِ يُقَالُ فِيهِ قَرِيبٌ، وَنَأْيُهُ عَنْهُ يُقَالُ فِيهِ بَعِيدٌ، وَأَصْلُهُ: الْمَكَانُ فِي الْمِسَاحَةِ، تَقُولُ: زَيْدٌ قَرِيبٌ مِنْك، وَعَمْرٌو بَعِيدٌ عَنْك.
وَيُوضَعُ الْفِعْلُ مَوْضِعَ الِاسْمِ؛ فَتَقُولُ: زَيْدٌ قُرْبُك، ثُمَّ يُنْقَلُ إلَى الْمَكَانَةِ الْمَعْقُولَةِ غَيْرِ الْمَحْسُوسَةِ، فَيُقَالُ: الْعِلْمُ مِنْك قَرِيبٌ، وَعَلَيْهِ يُتَأَوَّلُ مَا يُخْبَرُ بِهِ عَنْ الْبَارِي سُبْحَانَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَبِهِ يُفَسَّرُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ١٨٦] بِعِشْرِينَ مَعْنًى جَائِزَةٍ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِهَا وَيُخْبَرُ عَنْهُ بِمَعْنَاهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الْمُشْكِلَيْنِ ".


الصفحة التالية
Icon