[سُورَةُ الرُّومِ فِيهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ] [الْآيَة الْأُولَى قَوْله تَعَالَى فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ]
الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [الروم: ٤].فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا:
رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ظَهَرَتْ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَتْ: ﴿الم﴾ [الروم: ١] ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ [الروم: ٢] ﴿فِي أَدْنَى الأَرْضِ﴾ [الروم: ٣] إلَى قَوْلِهِ: ﴿يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [الروم: ٤] ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ [الروم: ٥]. قَالَ: فَفَرِحَ الْمُؤْمِنُونَ بِظُهُورِ الرُّومِ عَلَى فَارِسَ.
وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: غُلِبَتْ الرُّومُ وَغَلَبَتْ، كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ فَارِسُ عَلَى الرُّومِ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ أَهْلُ أَوْثَانٍ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، فَذَكَرُوهُ لِأَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «أَمَا إنَّهُمْ سَيَغْلِبُونَ». فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ، فَقَالُوا: اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَك أَجَلًا؛ فَإِنْ ظَهَرْنَا كَانَ لَنَا كَذَا وَكَذَا، وَإِنْ ظَهَرْتُمْ كَانَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا. فَجَعَلَ أَجَلًا خَمْسَ سِنِينَ، فَلَمْ يَظْهَرُوا فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ: «أَلَا أَخْفَضْت». وَفِي رِوَايَةٍ: «أَلَا أَحْبَطْت». وَفِي رِوَايَةٍ: «أَلَا جَعَلْته إلَى دُونٍ، أَرَاهُ الْعَشَرَةَ».